قلت: وهي قراءة قتادة، وقد رويت عن سعيد بن جبير، وأنه قرأ: " حتى يلج الجمل " بضم الجيم وتسكين الميم. قلت: وهي قراءة عكرمة.
قال ابن الأنباري: فالجمل يحتمل أمرين: يجوز أن يكون بمعنى الجمل، ويجوز أن يكون بمعنى جملة من الجمال، قيل في جمعها: جمل، كما يقال: حجرة، وحجر، وظلمة، وظلم.
وكذلك من قرأ: " الجمل " يسوغ له أن يقول: الجمل، بمعنى الجمل، وأن يقول: الجمل، جمع جملة، مثل بسرة، وبسر. وأصحاب هذه القراءات يقولون: الحبل والحبال، أشبه بالإبرة والخيوط من الجمال. وروى عطاء بن يسار عن ابن عباس أنه قرأ: " الجمل " بضم الجيم والميم، وبالتخفيف، وهي قراءة الضحاك، والجحدري. وقرأ أبو المتوكل، وأبو الجوزاء: " الجمل " بفتح الجيم، وبسكون الميم خفيفة.
قوله تعالى: (في سم الخياط) السم في اللغة: الثقب. وفيها ثلاث لغات: فتح السين وبها قرأ الأكثرون، وضمها، وبه قرأ ابن مسعود، وأبو رزين، وقتادة، وابن محيصن، وطلحة بن مصرف، وكسرها، وبه قرأ أبو عمران الجوني، وأبو نهيك، والأصمعي عن نافع. قال ابن القاسم:
والخياط: المخيط، بمنزلة اللحاف والملحف، والقرام والمقرم. وقد قرأ ابن مسعود، وأبو رزين، وأبو مجلز: في " سم المخيط ". قال الزجاج: الخياط: الإبرة، وسمها: ثقبها. والمعنى: أنهم لا يدخلون الجنة أبدا. قال ابن قتيبة: هذا كما يقال: لا يكون ذلك حتى يشيب الغراب، ويبيض القار.
قوله تعالى: (وكذلك نجزي المجرمين) أي: مثل ذلك نجزي الكافرين أنهم لا يدخلون الجنة.
لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش وكذلك نجزي الظالمين (41) والذين آمنوا وعملوا الصالحات لا نكلف نفسا إلا وسعها أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون (42) قوله تعالى: (لهم من جهنم مهاد) المهاد: الفراش. وفي المراد بالغواشي ثلاثة أقوال:
أحدها: اللحف، قاله ابن عباس، والقرظي، وابن زيد.
والثاني: ما يغشاهم من فوقهم من الدخان، قاله عكرمة.
والثالث: غاشية فوق غاشية من النار، قاله الزجاج قال ابن عباس: والظالمون هاهنا:
الكافرون.
ونزعنا في صدورهم من غل تجري من تحتهم الأنهار وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق ونودوا أن تلكم الجنة