قوله تعالى: (وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو) فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: وما الحياة الدنيا في سرعة انقطاعها، وقصر عمرها، إلا كالشئ يلعب به.
والثاني: وما أمر الدنيا والعمل لها إلا لعب ولهو، فأما فعل الخير، فهو من عمل الآخرة، لا من الدنيا.
والثالث: وما أهل الحياة الدنيا إلا أهل لعب ولهو، لاشتغالهم عما أمروا به. واللعب: مالا يجدي نفعا.
قوله تعالى: (وللدار الآخرة خير) اللام: لام القسم، والدار الآخرة: الجنة (أفلا يعقلون) فيعملون لها. قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وحمزة والكسائي، (يعقلون) بالياء، في (الأنعام) و (الأعراف و (يوسف) و (يس)، وقرؤوا في (القصص) بالتاء. وقرأ نافع كل ذلك بالياء، وروى حفص، عن عاصم كل ذلك بالتاء، إلا في (يس) (في الخلق أفلا يعقلون)، بالياء وقرأ ابن عامر الذي في (يس) بالياء، والباقي بالتاء.
قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون (33) قوله تعالى: (قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون) في سبب نزولها أربعة أقوال:
أحدها: أن رجلا من قريش يقال له: الحارث بن عامر، قال: والله يا محمد ما كذبتنا قط فنتهمك اليوم، ولكنا إن نتبعك نتخطف من أرضنا، فنزلت هذه الآية، رواه أبو صالح عن ابن عباس. وقال مقاتل: كان الحارث بن عامر يكذب النبي في العلانية، فإذا خلا مع أهل بيته، قال:
ما محمد من أهل الكذب، فنزلت فيه هذه الآية.
والثاني: أن المشركين كانوا إذا رأوا النبي صلى الله عليه وسلم قالوا فيما بينهم: إنه لنبي، فنزلت هذه الآية قاله أبو صالح.
والثالث: أن أبا جهل قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إنا لا نكذبك، ولكن نكذب الذي جئت به، فنزلت هذه الآية، قاله ناجية بن كعب.
وقال أبو يزيد المدني: لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا جهل، فصافحه أبو جهل، فقيل له: أتصافح هذا الصابئ؟ فقال: والله إني لأعلم أنه نبي، ولكن متى كنا تبعا لبني عبد مناف فأنزل الله هذه الآية.
والرابع: أن الأخنس بن شريق لقي أبا جهل فقال الأخنس: يا أبا الحكم، أخبرني عن محمد