والثاني: أنهم من جميع الخلق، قاله ابن السائب.
والثالث: أنهم الأنبياء.
والرابع: أنهم العلماء، ذكر القولين الماوردي.
والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون (182) وأملي لهم إن كيدي متين (183) قوله تعالى: (والذين كذبوا بآياتنا) قال أبو صالح عن ابن عباس: هم أهل مكة. وقال مقاتل: نزلت في المستهزئين من قريش.
قوله تعالى: (سنستدرجهم) قال الخليل بن أحمد: سنطوي أعمارهم في اغترار منهم.
وقال أبو عبيدة: الاستدراج: أن يتدرج إلى الشئ في خفية قليلا قليلا ولا يهجم عليه، وأصله من الدرجة، وذلك أن الراقي والنازل يرقى وينزل مرقاة مرقاة، ومنه: درج الكتاب: إذا طواه شيئا بعد شئ، ودرج القوم: إذا ماتوا بعضهم في إثر بعض. وقال اليزيدي: الاستدراج: أن يأتي من حيث لا يعلم. وقال ابن قتيبة: هو أن يذيقهم من بأسه قليلا قليلا من حيث لا يعلمون، ولا يباغتهم به ولا يجاهرهم. وقال الأزهري: سنأخذهم قليلا قليلا من حيث لا يحتسبون، وذلك أن الله تعالى يفتح عليهم من النعم ما يغتبطون به ويركنون إليه، ثم يأخذهم على غرتهم أغفل ما يكونون. قال الضحاك: كلما جددوا لنا معصية جددنا لهم نعمة.
وفي قوله [تعالى]: (من حيث لا يعلمون) قولان:
أحدهما: من حيث لا يعلمون بالاستدراج.
والثاني: بالهلكة.
قوله تعالى: (وأملي لهم) الإملاء: الإمهال والتأخير.
قوله تعالى: (إن كيدي متين) قال ابن عباس: إن مكري شديد. وقال ابن فارس:
الكيد: المكر، فكل شئ عالجته فأنت تكيده. قال المفسرون: مكر الله وكيده: مجازاة أهل المكر والكيد على نحو ما بينا في (البقرة) و (آل عمران) من ذكر الاستهزاء والخداع والمكر.
أولم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة إن هو إلا نذير مبين (184) أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شئ وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فبأي