وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين (29) قوله تعالى: (بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل) " بل ": هاهنا رد لكلامهم، أي: ليس الأمر على ما قالوا من أنهم لو ردوا لآمنوا.
وقال الزجاج: " بل " استدراك وإيجاب بعد نفي، تقول: ما جاء زيد بل عمرو. وفي معنى الآية أربعة أقوال.
أحدها: بدا ما كان يخفيه بعضهم عن بعض، قاله الحسن.
والثاني: بدا بنطق الجوارح ما كانوا يخفون من قبل بألسنتهم، قاله مقاتل.
والثالث: بدا لهم جزاء ما كانوا يخفونه، قاله المبرد.
والرابع: بدا للأتباع ما كان يخفيه الرؤساء، قاله الزجاج.
قوله تعالى: (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه) قال ابن عباس: لعادوا إلى ما نهوا عنه من الشرك، وإنهم لكاذبون في قولهم: (ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين).
قال ابن الأنباري: كذبهم الله في إخبارهم عن أنفسهم، أنهم إن ردوا آمنوا ولم يكذبوا، ولم يكذبهم في التمني.
قوله تعالى: (وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا) هذا إخبار عن منكري البعث. قال مقاتل: لما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم كفار مكة بالبعث، قالوا هذا. وكان عبد الرحمن بن زيد بن أسلم يقول: هذا حكاية قولهم، لو ردوا لقالوه.
ولو ترى إذ وقفوا على ربهم قال أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون (30) قوله تعالى: (ولو ترى إذ وقفوا على ربهم) قال مقاتل: عرضوا على ربهم (قال: أليس هذا) العذاب (بالحق). وقال غيره: أليس هذا البعث حقا؟ فعلى قول مقاتل: (بما كنتم تكفرون) بالعذاب، وعلى قول غيره: (تكفرون) بالبعث.
قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون (31) قوله تعالى: (قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله) إنما وصفوا بالخسران، لأنهم باعوا الإيمان بالكفر، فعظم خسرانهم.