والذين كذبوا بآياتنا صم بكم في الظلمات من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم (39) قوله تعالى: (والذين كذبوا بآياتنا) يعني ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم (صم) عن القرآن لا يسمعونه، (وبكم) عنه لا ينطقون به، (في الظلمات) أي: في الشرك والضلالة. (من يشأ الله يضلله) فيموت على الكفر، (ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم)، وهو الإسلام.
قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين (40) قوله تعالى: (قل أرأيتكم) قرأ ابن كثير، وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة:
" أرأيتم " و " أرأيتكم " و " أرأيت " بالألف في كل القرآن مهموزا، ولين الهمزة نافع في الكل. وقرأ الكسائي بغير همز ولا ألف. قال الفراء: العرب تقول: أرأيتك، وهم يريدون: أخبرني. فأما عذاب الله، ففي المراد به هاهنا قولان:
أحدهما: أنه الموت، قاله ابن عباس.
والثاني: العذاب الذي كان يأتي الأمم الخالية، قاله مقاتل.
فأما الساعة، فهي القيامة. قال الزجاج: وهو اسم للوقت الذي يصعق فيه العباد، وللوقت الذي يبعثون فيه.
قوله تعالى: (أغير الله تدعون) أي: أتدعون صنما أو حجرا لكشف ما بكم؟! فاحتج عليهم بما لا يدفعونه، لأنهم كانوا إذا مسهم الضر دعوا الله.
وقوله [تعالى]: (إن كنتم صادقين) جواب لقوله [تعالى]: " أرأيتكم "، لأنه بمعنى أخبروا، كأنه قيل لهم: إن كنتم صادقين، فأخبروا من تدعون عند نزول البلاء بكم؟
بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون (41) قوله تعالى: (بل إياه تدعون) قال الزجاج: أعلمهم أنهم لا يدعون في الشدائد إلا إياه، وفي ذلك أعظم الحجج عليهم، لأنهم عبدوا الأصنام.
(فيكشف ما تدعون إليه إن شاء) المعنى: فيكشف الضر الذي من أجله دعوتهم، وهذا على اتساع الكلام مثل قوله [تعالى]: (واسأل القرية)، أي: أهل القرية.
(وتنسون): يجوز أن يكون بمعنى " تتركون "، ويجوز أن يكون المعنى: إنكم في ترككم