فالجواب: أن الذين تقوم عليهم الساعة منظرون إلى ذلك الوقت بآجالهم، فهو منهم.
قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم (16) قوله تعالى: (فبما أغويتني) في معنى هذا الإغواء قولان:
أحدهما: أنه بمعنى الإضلال، قاله ابن عباس، والجمهور.
الثاني: أنه بمعنى الإهلاك، ومنه قوله: (فسوف يلقون غيا) أي: هلاكا، ذكره ابن الأنباري. وفي معنى " فبما " قولان:
أحدهما: أنها بمعنى القسم، أي: فباغوائك لي.
والثاني: أنها بمعنى الجزاء، أي: فبأنك أغويتني، ولأجل أنك أغويتني (لأقعدن لهم صراطك). قال الفراء، والزجاج: أي: على صراطك. ومثله قولهم: ضرب زيد الظهر والبطن.
وفي المراد بالصراط ها هنا ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه طريق مكة، قاله ابن مسعود، والحسن، وسعيد بن جبير، كأن المراد صدهم عن الحج.
والثاني: أنه الإسلام، قاله جابر بن عبد الله، وابن الحنفية، ومقاتل.
والثالث: أنه الحق، قاله مجاهد.
ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين (17) قوله تعالى: (ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم) فيه سبعة أقوال:
أحدها: " من بين أيديهم " أشككهم في آخرتهم، " ومن خلفهم " أرغبهم في دنياهم، " وعن أيمانهم " أي: من قبل حسناتهم، " وعن شمائلهم " من قبل سيئاتهم، قاله ابن عباس [قتادة].
والثاني: مثله، إلا أنهم جعلوا " من بين أيديهم " الدنيا، " ومن خلفهم " الآخرة، قاله النخعي، والحكم بن عتيبة.