قوله تعالى: (هذا ما كنزتم) فيه محذوف تقديره: ويقال لهم هذا ما كنزتم لأنفسكم (فذوقوا ما كنتم تكنزون) أي: عذاب ذلك.
فإن قيل: لم خص الجباه والجنوب والظهور من بقية البدن؟
فالجواب: أن هذه المواضع مجوفة، فيصل الحر إلى أجوافها، بخلاف اليد والرجل. وكان أبو ذر يقول: بشر الكنازين بكي في الجباه وكي في الجنوب وكي في الظهور، حتى يلتقي الحر في أجوافهم. وجواب آخر: وهو أن الغني إذا رأى الفقير، انقبض، وإذا ضمه وإياه مجلس، أزور عنه وولاه ظهره، قاله أبو بكر الوراق.
إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين (36) قوله تعالى: (إن عدة الشهور عند الله) قال المفسرون: نزلت هذه الآية من أجل النسئ الذي كانت العرب تفعله، فربما وقع حجهم في رمضان، وربما وقع في شوال، إلى غير ذلك، وكانوا يستحلوا المحرم عاما، ويحرمون مكانه صفر، وتارة يحرمون المحرم ويستحلون صفر. قال الزجاج: أعلم الله عز وجل أن عدد شهور المسلمين التي تعبدوا بأن يجعلوه لسنتهم: اثنا عشر شهرا على منازل القمر، فجعل حجهم وأعيادهم على هذا العدد، فتارة يكون الحج والصوم في الشتاء، وتارة في الصيف، بخلاف ما يعتمده أهل الكتاب، فإنهم يعملون على أن السنة ثلاثمائة يوم وخمسة وستون يوما وبعض يوم. وجمهور القراء على فتح عين " اثنا عشر ". وقرأ أبو جعفر: اثنا عشر، وأحد عشر، وتسعة عشر، بسكون العين فيهن.
قوله تعالى: (في كتاب الله) أي: في اللوح المحفوظ. قال ابن عباس: في الإمام الذي عند الله، كتبه (يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم) وفيها قولان:
أحدهما: أنها رجب، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، قاله الأكثرون. وقال القاضي أبو يعلى: إنما سماها حرما لمعنيين.
أحدهما: تحريم القتال فيها، وقد كان أهل الجاهلية يعتقدون ذلك أيضا.