قوله تعالى: (يجعلونه قراطيس) معناه: يكتبونه في قراطيس. وقيل: إنما قال: قراطيس، لأنهم كانوا يكتبونه في قراطيس مقطعة، حتى لا تكون مجموعة، ليخفوا منها ما شاؤوا.
قوله تعالى: (يبدونها) قرأ ابن كثير، وأبو عمرو: " يجعلونه قراطيس يبدونها " و " يخفون " بالياء فيهن. وقرأ نافع، وعاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: بالتاء فيهن. فمن قرأ بالياء، فلأن القوم غيب، بدليل قوله [تعالى]: (وما قدروا الله حق قدره). ومن قرأ بالتاء، فعلى الخطاب، والمعنى: تبدون منها ما تحبون، وتخفون كثيرا، مثل صفة محمد صلى الله عليه وسلم، وآية الرجم، ونحو ذلك مما كتموه.
قوله تعالى: (وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم) في المخاطب بهذا قولان:
أحدهما: أنهم اليهود، قاله الجمهور.
والثاني: أنه خطاب للمسلمين، قاله مجاهد. فعلى الأول: علموا ما في التوراة، وعلى الثاني: علموا على لسان محمد صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى: (قل الله) هذا جواب لقوله: (من أنزل الكتاب) وتقديره: فإن أجابوك، وإلا فقل: الله أنزله.
قوله تعالى: (ثم ذرهم) تهديد. وخوضهم: باطلهم. وقيل: إن هذا أمر بالإعراض عنهم، ثم نسخ بآية السيف.
قوله تعالى: (وهذا كتاب أنزلناه) يعني القرآن. قال الزجاج: والمبارك: الذي يأتي من قبله الخير الكثير. والمعنى: أنزلناه للبركة والإنذار.
وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون (92) قوله تعالى: (مصدق الذي بين يديه) من الكتب.
قوله تعالى: (ولتنذر أم القرى) قرأ عاصم إلا حفصا: " ولينذر " بالياء، فيكون الكتاب هو المنذر. وقرأ الباقون: بالتاء، على الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم. فأما أم القرى، فهي مكة. قال الزجاج:
والمعنى: لتنذر أهل أم القرى. وفي تسميتها بأم القرى أربعة أقوال:
أحدها: أنها سميت بذلك، لأن الأرض دحيت من تحتها، قاله ابن عباس.