والثاني: قالوا إن الملائكة بنات الله فهم شركاؤه، كقوله [تعالى]: وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا) فسمى الملائكة جنا لاجتنانهم، قاله قتادة والسدي، وابن زيد.
والثالث: أن الزنادقة قالوا: الله خالق النور والماء والدواب والأنعام، وإبليس خالق الظلمة والسباع والحيات والعقارب، وفيهم نزلت هذه الآية. قاله ابن السائب.
قوله تعالى: (وخلقهم) في الكناية قولان:
أحدهما: أنها ترجع إلى الجاعلين له الشركاء، فيكون المعنى: وجعلوا للذي خلقهم شركاء لا يخلقون.
والثاني: أنها ترجع إلى الجن، فيكون المعنى: والله خلق الجن، فكيف يكون الشريك لله محدثا؟ ذكرهما الزجاج.
قوله تعالى: (وخرقوا له بنين وبنات) وقرأ نافع: " وخرقوا " بالتشديد، للمبالغة والتكثير، لأن المشركين ادعوا الملائكة بنات الله، والنصارى المسيح واليهود عزيرا. وقرأ ابن عباس، وأبو رجاء، وأبو الجوزاء: " وحرفوا " بحاء غير معجمة وبتشديد الراء وبالفاء. وقرأ ابن السميفع، والجحدري: (وخارقوا " بألف وخاء معجمة قال السدي: أما " البنون "، فقول اليهود، عزير ابن الله، وقول النصارى: المسيح ابن الله، وأما " البنات " فقول مشركي العرب: الملائكة بنات الله. قال الفراء: خرقوا، واخترقوا، وخلقوا، واختلقوا، بمعنى افتروا. وقال أبو عبيدة: خرقوا: جعلوا. قال الزجاج: ومعنى: " بغير علم " أنهم لم يذكروه من علم، إنما ذكروه تكذبا بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شئ وهو بكل شئ عليم (101) ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شئ فاعبدوه وهو على كل شئ وكيل (102) قوله تعالى: (أنى يكون له ولد) قال الزجاج: أي: من أين يكون له ولد، والولد لا يكون إلا من صاحبة؟! واحتج عليهم في نفي الولد بقوله [تعالى]: (وخلق كل شئ) فليس مثل خالق الأشياء، فكيف يكون الولد لمن لا مثل له؟ فإذا نسب إليه الولد، فقد جعل له مثل.
لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير (103)