والثاني: المنافقون.
ومتى يحلفون؟ فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: إذا رأوا أنه لا يدخل الجنة إلا من كان مسلما، قالوا: تعالوا نكابر عن شركنا، فحلفوا، قاله ابن عباس.
والثاني: أنهم إذا دخلوا النار، ورأوا أهل التوحيد يخرجون، فحلفوا، قاله سعيد بن جبير، ومجاهد.
والثالث: أنهم إذا سئلوا: أين شركاؤكم؟ تبرؤوا، وحلفوا: ما كنا مشركين، قاله مقاتل.
انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون (24) قوله تعالى: (انظر كيف كذبوا على أنفسهم) أي: باعتذارهم بالباطل.
(وضل عنهم ما كانوا يفترون) أي: ذهب ما كانوا يدعون ويختلقون من أن الأصنام شركاء لله، وشفعاؤهم في الآخرة.
ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها حتى إذا جاؤوك يجادلونك يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين (25) وهم ينهون عنه وينؤن عنه وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون (26) قوله تعالى: (ومنهم من يستمع إليك) سبب نزولها: أن نفرا من المشركين، منهم عتبة، وشيبة، والنضر بن الحارث، وأمية وأبي ابنا خلف، جلسوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستمعوا إليه، ثم قالوا للنضر بن الحارث، ما يقول محمد؟ فقال: والذي جعلها بنية، ما أدري ما يقول؟ إلا أني أرى تحرك شفتيه، وما يقول إلا أساطير الأولين، مثلما كنت أحدثكم عن القرون الماضية، وكان النضر كثير الحديث عن القرون الأولى، فنزلت هذه الآية، رواه أبو صالح عن ابن عباس.
فأما " الأكنة "، فقال الزجاج: هي جمع كنان، وهو الغطاء، مثل عنان وأعنة.
وأما: " أن يفقهوه "، فمنصوب على أنه مفعول له. المعنى: وجعلنا على قلوبهم أكنة لكراهة أن يفقهوه، فلما حذفت اللام، نصبت الكراهة، ولما حذفت الكراهة، انتقل نصبها إلى " أن ".