قوله تعالى: (تدعونه تضرعا) أي: مظهرين الضراعة، وهي شدة الفقر إلى الشئ، والحاجة.
قوله تعالى: (وخفية) قرأ عاصم إلا حفصا: " وخفية " بكسر الخاء، وكذلك في [سورة] الأعراف. وقرأ الباقون بضم الخاء، وهما لغتان. قال الفراء: وفيها لغة أخرى بالواو، ولا تصلح في القراءة، خفوة، وخفوة. ومعنى الكلام، أنكم تدعونه في أنفسكم، كما تدعونه ظاهرا: " لئن أنجيتنا "، كذلك قرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر، وأبو عمرو: لئن أنجيتنا "، وقرأ عاصم وحمزة، والكسائي: " لئن أنجانا " بألف، لمكان الغيبة في قوله: " تدعونه ". وكان حمزة، والكسائي، وخلف، يميلون الجيم.
قوله تعالى: (من هذه) يعني: في أي شدة وقعتم، قلتم: " لئن أنجيتنا من هذه ". قال ابن عباس: و " الشاكرون " هاهنا: المؤمنون. وكانت قريش تسافر في البر والبحر، فإذا ضلوا الطريق وخافوا الهلاك، دعوا الله مخلصين، فأنجاهم. فأما " الكرب " فهو الغم الذي يأخذ بالنفس، ومنه اشتقت الكربة.
قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض أنظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون (65) قوله تعالى: (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم) فيه قولان:
أحدهما: أن الذي فوقهم: العذاب النازل من السماء، كما حصب قوم لوط، وأصحاب الفيل. والذي من تحت أرجلهم: كما خسف بقارون، قاله ابن عباس، والسدي، ومقاتل. وقال غيرهم: ومنه الطوفان، والريح، والصيحة، والرجفة.
والقول الثاني: أن الذي من فوقهم: من قبل أمرائهم. والذي من تحتهم من سفلتهم، رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. وقال في رواية أخرى: الذي من فوقهم: أئمة السوء، والذي من تحت أرجلهم: عبيد السوء.
قوله تعالى: (أو يلبسكم شيعا) قال ابن عباس: يبث فيكم الأهواء المختلفة، فتصيرون فرقا. قال ابن قتيبة: يلبسكم: من الالتباس عليهم. والمعنى: حتى تكونوا شيعا، أي: فرقا مختلفين. ثم يذيق بعضكم بأس بعض بالقتال والحرب. وقال الزجاج: يلبسكم، أي: يخلط أمركم خلط اضطراب، لا خلط اتفاق. يقال: لبست عليهم الأمر، ألبسه: إذا لم أبينه. ومعنى شيعا: أي