يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين (120) ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديا إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون (121) قوله تعالى: (ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب) قال ابن عباس: يعني:
مزينة، وجهينة، وأشجع، وأسلم، وغفار، (أن يتخلفوا عن رسول الله) في غزوة غزاها، (ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه) لا يرضوا لأنفسهم بالخفض والدعة ورسول الله في الحر والمشقة.
يقال: رغبت بنفسي عن الشئ: إذا ترفعت عنه.
قوله تعالى: (ذلك) أي: ذلك النهي عن التخلف (بأنهم لا يصيبهم ظمأ) وهو العطش (ولا نصب) وهو التعب (ولا مخمصة) وهي المجاعة (ولا ينالون من عدو نيلا) أسرا أو قتلا أو هزيمة، فأعلمهم الله أنه يجازيهم على جميع ذلك.
قوله تعالى: (ولا ينفقون نفقة صغيرة) قال ابن عباس: تمرة فما فوقها. (ولا يقطعون واديا) مقبلين أو مدبرين (إلا كتب لهم) أي: أثبت لهم أجر ذلك. (ليجزيهم الله أحسن) أي: بأحسن (ما كانوا يعملون).
فصل قال شيخنا علي بن عبيد الله: اختلف المفسرون في هذه الآية، فقالت طائفة: كان في أول الأمر لا يجوز التخلف عن رسول الله حيث كان الجهاد يلزم الكل، ثم نسخ ذلك بقوله [تعالى]:
(وما كان المؤمنون لينفروا كافة)، وقالت طائفة: فرض الله تعالى على جميع المؤمنين في زمان النبي صلى الله عليه وسلم ممن لا عذر له الخروج معه لشيئين:
أحدهما: أنه من الواجب عليهم أن يقوه بأنفسهم.
والثاني: أنه إذا خرج الرسول فقد خرج الدين كله، فأمروا بالتظاهر لئلا يقل العدد، وهذا الحكم باق إلى وقتنا، فلو خرج أمير المؤمنين إلى الجهاد، وجب على عامة المسلمين متابعته لما ذكرنا. فعلى هذا، الآية محكمة. قال أبو سليمان: لكل آية وجهها، وليس للنسخ على إحدى الآيتين طريق.
* وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين