الزينة، فالمعنى: أن بعضهم يزين لبعض الأعمال القبيحة، و " غرورا " منصوب على المصدر، وهذا المصدر محمول على المعنى، لأن معنى إيحاء الزخرف من القول: معنى الغرور، فكأنه قال:
يغرون غرورا. وقال ابن عباس: (زخرف القول غرورا): الأماني بالباطل. قال مقاتل: وكل إبليس بالإنس شياطين يضلونهم، فإذا التقى شيطان الإنس بشيطان الجن، قال أحدهما لصاحبه:
إني أضللت صاحبي بكذا وكذا، فأضلل أنت صاحبك بكذا وكذا، فذلك وحي بعضهم إلى بعض.
وقال غيره: إن المؤمن إذا أعيا شيطانه، ذهب إلى متمرد من الإنس، وهو شيطان الإنس، فأغراه بالمؤمن ليفتنه. وقال قتادة: إن من الجن شياطين، وإن من الإنس شياطين. وقال مالك بن دينار:
إن شيطان الإنس أشد علي من شيطان الجن، لأني إذ تعوذت من ذاك ذهب عني، وهذا يجرني إلى المعاصي عيانا.
قوله تعالى: (ولو شاء ربك ما فعلوه) في هاء الكناية ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها ترجع إلى الوسوسة.
والثاني: ترجع إلى الكفر.
والثالث: إلى الغرور، وأذى النبيين.
قوله تعالى: (فذرهم وما يفترون) قال مقاتل: يريد كفار مكة وما يفترون من الكذب. وقال غيره: فذر المشركين وما يخاصمونك به مما يوحي إليهم أولياؤهم، وما يختلقون من كذب، وهذا القدر من هذه الآية منسوخ بآية السيف.
ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون (113) قوله تعالى: (ولتصغى إليه) أي: ولتميل، والهاء: كناية عن الزخرف والغرور. والأفئدة:
جمع فؤاد، مثل غراب وأغربة. قال ابن الأنباري: فعلنا بهم ذلك لكي تصغي إلى الباطل أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة، (وليرضوا) الباطل، (وليفترقوا) أي: ليكتسبوا، وليعلموا ما هم عاملون.
أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين (114) قوله تعالى: (أفغير الله أبتغي حكما) سبب نزولها: أن مشركي قريش قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: اجعل بيننا وبينك حكما، إن شئت من أحبار اليهود، وإن شئت من أحبار النصارى، ليخبرنا عنك بما في كتابهم من أمرك، فنزلت هذه الآية، ذكره الماوردي، فأما الحكم، فهو بمعنى الحاكم، والمعنى: أفغير الله أطلب قاضيا بيني وبينكم؟! و (الكتاب): القرآن، و " المفصل ": المبين الذي