للمنع عنها، ولحق أبو سفيان بساحل البحر، ففات رسول الله، ونزل جبريل بهذه الآية: (وإذ يعدكم الله)، والمعنى: اذكروا إذ يعدكم الله إحدى الطائفتين: والطائفتان: أبو سفيان وما معه من المال، وأبو جهل ومن معه من قريش، فلما سبق أبو سفيان بما معه، كتب إلى قريش: إن كنتم خرجتم لتحرزوا ركائبكم، فقد أحرزتها لكم. فقال أبو جهل: والله لا نرجع. وسار رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يريد القوم. فكره أصحابه ذلك وودوا أن لو نالوا الطائفة التي فيها الغنيمة دون القتال، فذلك قوله: (وتودون أن غير ذات الشوكة) أي: ذات السلاح. يقال: فلان شاكي السلاح، بالتخفيف، وشاك في السلاح، بالتشديد، وشائك. قال أبو عبيدة: ومجاز الشوكة الحد، يقال: ما أشد شوكة بني فلان، أي: حدهم. وقال الأخفش: إنما أنث " ذات الشوكة " لأنه يعني الطائفة.
قوله تعالى: (ويريد الله أن يحق الحق) في المراد بالحق قولان:
أحدهما: أنه الإسلام، قاله ابن عباس في آخرين.
والثاني: أنه القرآن، والمعنى: يحق ما أنزل إليك من القرآن.
قوله تعالى: (بكلماته) أي: بعداته التي سبقت من إعزاز الدين، كقوله تعالى: (ليظهره على الدين كله).
قوله تعالى: (ويقطع دابر الكافرين) أي: يجتث أصلهم، وقد بينا ذلك في (الأنعام).
قوله تعالى: (ليحق الحق) المعنى: ويريد أن يقطع دابر الكافرين كيما يحق الحق. وفي هذا الحق القولان المتقدمان. فأما الباطل، فهو الشرك، والمجرمون هاهنا: المشركون.
إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم إني ممدكم بألف من الملائكة مردفين (9) وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم (10) قوله تعالى: (إذ تستغيثون ربكم) سبب نزولها ما روى عمر بن الخطاب [رضي الله عنه] قال: لما كان يوم بدر، نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه وهم ثلاثمائة ونيف، ونظر إلى المشركين وهم ألف وزيادة، فاستقبل القبلة، ثم مد يديه وعليه رداؤه وإزاره، ثم قال: " اللهم أنجز ما وعدتني، اللهم إنك إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض أبدا " فما زال يستغيث ربه ويدعوه، حتى سقط