قوله تعالى: (وإن كان طائفة منكم آمنوا بالذي أرسلت به وطائفة لم يؤمنوا) أي: إن اختلفتم في رسالتي، فصرتم فريقين، مصدقين ومكذبين (فاصبروا حتى يحكم الله بيننا) بتعذيب المكذبين، وإنجاء المصدقين (وهو خير الحاكمين) لأنه العدل الذي لا يجور.
قوله تعالى: (أو لتعودن في ملتنا) يعنون ديننا، وهو الشرك. قال الفراء: جعل في قوله:
" لتعودن " لاما كجواب اليمين، وهو في معنى شرط، ومثله في الكلام: والله لأضربنك أو تقر لي، فيكون معناه معنى: " إلا "، أو معنى: " حتى ". (قال أو لو كنا كارهين) أي:
أو تجبروننا على ملتكم إن كرهناها؟! والألف للاستفهام. فإن قيل: كيف قالوا: " لتعودن "، وشعيب لم يكن في كفر قط، فيعود إليه؟ ففيه جوابان:
أحدهما: أنهم لما جمعوا في الخطاب معه من كان كافرا، ثم آمن، خاطبوا شعيبا بخطاب أتباعه، وغلبوا لفظهم على لفظه، لكثرتهم، وانفراده.
والثاني: أن المعنى: لتصيرن إلى ملتنا، فوقع العود على معنى الابتداء، كما يقال: قد عاد علي من فلان مكروه، أي: قد لحقني منه ذلك، وإن لم يكن سبق منه مكروه. قال الشاعر:
فإن تكن الأيام أحسن مرة * إلي عمر فقد عادت لهن ذنوب وقد شرحنا هذا في قوله: (وإلى الله ترجع الأمور) في (سورة البقرة): وقد ذكر معنى الجوابين الزجاج، وابن الأنباري.
قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا وسع ربنا كل شئ علما على الله توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين (89) وقال الملأ الذين كفروا من قومه لئن اتبعتم شعيبا إنكم إذا لخاسرون (90) فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين (91) الذين كذبوا شعيبا كأن لم يغنوا فيها الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين (92) فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فكيف آسى على قوم كافرين (93)