فصل وفي قوله: (قل انتظروا إنا منتظرون) قولان:
أحدهما: أن المراد به التهديد، فهو محكم.
والثاني: أنه أمر بالكف عن القتال، فهو منسوخ بآية السيف.
إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شئ إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون (159) قوله تعالى: (إن الذين فرقوا دينهم) قرأ ابن كثير، وأبو عمرو: " فرقوا " مشددة. وقرأ حمزة، والكسائي: " فارقوا " بألف. " وكذلك قرؤوا في (الروم)، فمن قرأ: " فرقوا "، أراد: آمنوا ببعض، وكفروا ببعض. ومن قرأ: " فارقوا "، أراد: باينوا. وفي المشار إليهم أربعة أقوال:
أحدها: أنهم أهل الضلالة من هذه الأمة، قاله أبو هريرة.
والثاني: أنهم اليهود والنصارى، قاله ابن عباس، والضحاك، وقتادة، والسدي.
والثالث: اليهود، قاله مجاهد.
والرابع: جميع المشركين، قاله الحسن. فعلى هذا القول، دينهم: الكفر الذي يعتقدونه دينا، وعلى ما قبله، دينهم: الذي أمرهم الله به. والشيع: الفرق والأحزاب. قال الزجاج: ومعنى " شيعت " في اللغة: اتبعت. والعرب تقول: شاعكم السلام، وأشاعكم، أي: تبعكم.
قال الشاعر:
ألا يا نخلة من ذات عرق * برود الظل شاعكم السلام وتقول: أتيتك غدا، أو شيعة، أي: أو اليوم الذي يتبعه. فمعنى الشيعة: الذين يتبع بعضهم بعضا، وليس كلهم متفقين.
وفي قوله تعالى: (لست منهم في شئ) قولان:
أحدهما: لست من قتالهم في شئ، ثم نسخ بآية السيف، وهذا مذهب السدي، والثاني: لست منهم، أي: أنت برئ منهم، وهم منك برءاء، إنما أمرهم إلى الله في جزائهم، فتكون الآية محكمة.
من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون (160)