في الارتفاع والانحطاط، كتفاضل الدرج.
قوله تعالى: (عما يعملون) قرأ الجمهور بالياء، وقرأ ابن عامر بالتاء على الخطاب.
وربك الغني ذو الرحمة إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين (133) إن ما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين (134) قوله تعالى: (وربك الغني) يريد: الغني عن خلقه (ذو الرحمة) قال ابن عباس: بأوليائه وأهل طاعته. وقال غيره: بالكل. ومن رحمته تأخير الانتقام من المخالفين. (إن يشأ يذهبكم) بالهلاك، وقيل: هذا الوعيد لأهل مكة، (ويستخلف من بعدكم ما يشاء كما أنشأكم) أي: ابتدأكم (من ذرية قوم آخرين) يعني: آباءهم الماضين. (إن ما توعدون) به من مجئ الساعة والحشر (لآت وما أنتم بمعجزين) أي: بفائتين. قال أبو عبيدة: يقال: أعجزني كذا، أي: فاتني وسبقني.
قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون (135) قوله تعالى: (على مكانتكم) وقرأ أبو بكر عن عاصم: " مكاناتكم " على الجمع. قال ابن قتيبة: أي: على موضعكم، يقال: مكان ومكانة، ومنزل ومنزلة وقال الزجاج: اعملوا على تمكنكم. قال: ويجوز أن يكون المعنى: اعملوا على ما أنتم عليه. تقول للرجل إذا أمرته أن يثبت على حال: كن على مكانتك.
قوله تعالى: (إني عامل) أي: عامل ما أمرني به ربي (فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار). قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم: " تكون " بالتاء. وقرأ ما حمزة، والكسائي: بالياء. وكذلك خلافهم في (القصص)، ووجه التأنيث، اللفظ، ووجه التذكير، أنه ليس بتأنيث حقيقي. وعاقبة الدار: الجنة. والظالمون هاهنا: المشركون. فإن قيل: ظاهر هذه الآية أمرهم بالإقامة على ما هم عليه، وذلك لا يجوز. فالجواب: أن معنى هذا الأمر المبالغة في الوعيد، فكأنه قال: أقيموا على ما أنتم عليه، إن رضيتم بالعذاب، قاله الزجاج.
فصل وفي هذه الآية قولان:
أحدهما: أن المراد بها التهديد، فعلى هذا هي محكمة.
والثاني: أن المراد بها ترك القتال، فعلى هذا هي منسوخة بآية السيف.