أحدهما: تماما على إحسان الله إلى أنبيائه، قاله ابن زيد.
والثاني: تماما على إحسان الله [تعالى] إلى موسى، وعلى هذين القولين، يكون " الذي " بمعنى " ما ".
والقول الثاني: أنه إبراهيم الخليل [عليه السلام]، فالمعنى: تماما للنعمة على إبراهيم الذي أحسن في طاعة الله، وكانت نبوة موسى نعمة على إبراهيم، لأنه من ولده، ذكره الماوردي.
والقول الثالث: أنه كل محسن من الأنبياء، وغيرهم. وقال مجاهد: تماما على المحسنين، أي: تماما لكل محسن. وعلى هذا القول، يكون " الذي " بمعنى " من "، و " على " بمعنى لام الجر، ومن هذا قول العرب: أتم عليه، وأتم له. قال الراعي:
رعته أشهرا وخلا عليها أي: لها.
قال ابن قتيبة: ومثل هذا أن تقول: أوصي بمالي للذي غزا وحج، تريد: للغازين والحاجين.
والقول الرابع: أنه موسى. ثم في معنى: " أحسن " قولان:
أحدهما: أحسن في الدنيا بطاعة الله عز وجل. قال الحسن، وقتادة: تماما لكرامته في الجنة إلى إحسانه في الدنيا. وقال الربيع: هو إحسان موسى بطاعته. وقال ابن جرير: تماما لنعمنا عنده على إحسانه في قيامه بأمرنا ونهينا.
والثاني: أحسن في العلم وكتب الله القديمة، وكأنه زيد على ما أحسنه من التوراة، ويكون " التمام " بمعنى الزيادة، ذكره ابن الأنباري. فعلى هذين القولين، يكون " الذي " بمعنى: " ما ".
وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، وأبو رزين، والحسن، وابن يعمر: " على الذي أحسن "، بالرفع.
قال الزجاج: معناه: على الذي هو أحسن الأشياء. وقرأ عبد الله بن عمرو، وأبو المتوكل، وأبو العالية: " على الذي أحسن " برفع الهمزة وكسر السين وفتح النون، وهي تحتمل الإحسان، وتحتمل العلم.
قوله تعالى: (وتفصيلا لكل شئ) أي: تبيانا لكل شئ من أمر شريعتهم مما يحتاجون إلى علمه، لكي يؤمنوا بالبعث والجزاء.
وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون (155) قوله تعالى: (وهذا كتاب أنزلناه مبارك) يعني القرآن، (فاتبعوه واتقوا) أن تخالفوه