بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم كالذي خاضوا أولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك هم الخاسرون (69) ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون (70) قوله تعالى: (المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض) قاله ابن عباس: بعضهم على دين بعض. وقال مقاتل: بعضهم أولياء بعض، (يأمرون بالمنكر) وهو الكفر، (وينهون عن المعروف) وهو الإيمان.
وفي قوله [تعالى]: (ويقبضون أيديهم) أربعة أقوال:
أحدها: يقبضونها عن الإنفاق في سبيل الله، قاله ابن عباس، والحسن، ومجاهد.
والثاني: عن كل خير، قاله قتادة.
والثالث: عن الجهاد في سبيل الله.
والرابع: عن رفعها في الدعاء إلى الله، ذكرهما الماوردي.
قوله تعالى: (نسوا الله فنسيهم) قال الزجاج: تركوا أمره، فتركهم من رحمته وتوفيقه. قال:
وقوله [تعالى]: (هي حسبهم) أي: هي كفاية ذنوبهم، كما تقول: عذبتك حسب فعلك، وحسب فلان ما نزل به، أي: ذلك على قدر فعله. وموضع الكاف في قوله [تعالى]: (كالذين من قبلكم) نصب، أي: وعدكم الله على الكفر به كما وعد الذين من قبلكم. وقال غيره: رجع عن الخبر عنهم إلى مخاطبتهم، وشبههم في العدول عن أمره بمن كان قبلهم من الأمم الماضية.
قوله تعالى: (فاستمتعوا بخلاقهم) قال ابن عباس: استمتعوا بنصيبهم من الآخرة في الدنيا.
وقال الزجاج: بحظهم من الدنيا.
قوله تعالى: (وخضتم) أي: في الطعن على الدين وتكذيب نبيكم كما خاضوا. (أولئك حبطت أعمالهم في الدنيا) لأنها لم تقبل منهم، وفي الآخرة، لأنهم لا يثابون عليها، (وأولئك هم الخاسرون) بفوت الثواب وحصول العقاب.
قوله تعالى: (وقوم إبراهيم) قال ابن عباس: يريد نمرود بن كنعان. (وأصحاب مدين) يعني قوم شعيب. (والمؤتفكات) قرى لوط. قال الزجاج: وهم جمع مؤتفكة، ائتفكت بهم الأرض، أي: انقلبت. قال: ويقال: إنهم جميع من أهلك، يقال للهالك: انقلبت عليه الدنيا.
قوله تعالى: (أتتهم) يعني هذه الأمم (رسلهم بالبينات) فكذبوا بها، (فما كان الله