والثاني: أنه خروجه من مكة إلى المدينة للهجرة.
وفي معنى قوله: " بالحق " قولان:
أحدهما: أنك خرجت ومعك الحق.
والثاني: أنك خرجت بالحق الذي وجب عليك.
وفي قوله تعالى: (وإن فريقا من المؤمنين لكارهون) قولان:
أحدهما: كارهون خروجك.
والثاني: كارهون صرف الغنيمة عنهم، وهذه كراهة الطبع لمشقة السفر والقتال، وليست كراهة لأمر الله تعالى.
قوله تعالى: (يجادلونك في الحق) يعني في القتال يوم بدر، لأنهم خرجوا بغير عدة، فقالوا: هلا أخبرتنا بالقتال لنأخذ العدة، فجادلوه طلبا للرخصة في ترك القتال. وفي قوله تعالى:
(بعد ما تبين) ثلاثة أقوال:
أحدها: تبين لهم فرضه.
والثاني: تبين لهم صوابه.
والثالث: تبين لهم أنك لا تفعل إلا ما أمرت به. وفي " المجادلين " قولان:
أحدهما: أنهم طائفة من المسلمين، قاله ابن عباس، والجمهور.
والثاني: أنهم المشركون، قاله ابن زيد، فعلى هذا، يكون جدالهم في الحق الذي هو التوحيد، لا في القتال. فعلى الأول، يكون معنى قوله تعالى: (كأنما يساقون إلى الموت) أي:
في لقاء العدو (وهم ينظرون)، لأن أشد حال من يساق إلى الموت أن يكون ناظرا إليه، وعالما به. وعلى قول ابن زيد: كأنما يساقون إلى الموت حين يدعون إلى الإسلام لكراهتهم إياه.
وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين (7) ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون (8) قوله تعالى: (وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين) قال أهل التفسير: أقبل أبو سفيان من الشام في عير لقريش، حتى إذا دنا من بدر، نزل جبريل فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فخرج في جماعة من أصحابه يريدهم، فبلغهم ذلك فبعثوا عمرو بن ضمضم الغفاري إلى مكة مستغيثا، فخرجت قريش