والمراد بلقاء الله: البعث والجزاء، والساعة: القيامة، والبغتة: الفجأة.
قال الزجاج: كل ما أتى فجأة فقد بغت، يقال: قد بغته الأمر يبغته بغتا وبغتة: إذا أتاه فجأة.
قال الشاعر:
ولكنهم بانوا ولم أخش بغتة * وأفظع شئ حين يفجؤك البغت قوله تعالى: (يا حسرتنا) الحسرة: التلهف على الشئ، وأهل التفسير يقولون: يا ندامتنا. فإن قيل: ما معنى دعاء الحسرة، وهي لا تعقل؟
فالجواب: أن العرب إذا اجتهدت في المبالغة في الإخبار عن عظيم ما تقع فيه، جعلته نداء، فتدخل عليه " يا " للتنبيه، والمراد تنبيه الناس، لا تنبيه المنادي. ومثله قولهم: لا أرينك هاهنا. لفظه لفظ الناهي لنفسه، والمعنى للمنهي، ومن هذا قولهم: يا خيل الله اركبي، يراد: يا فرسان خيل الله. وقال سيبويه: إذا قلت: يا عجباه، فكأنك قلت: احضر وتعال يا عجب، فهذا زمانك. فأما التفريط فهو: التضييع.
وقال الزجاج: التفريط في اللغة: تقدمة العجز. وفي المكني عنه بقوله: " فيها " ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها الدنيا، فالمعنى: على ما ضيعنا في الدنيا من عمل الآخرة، قاله مقاتل.
والثاني: أنها الصفقة، لأن الخسران لا يكون إلا في صفقة، وترك ذكرها اكتفاء بذكر الخسران، قاله ابن جرير.
والثالث: أنها الطاعة، ذكره بعض المفسرين.
فأما الأوزار، فقال ابن قتيبة: هي الآثام، وأصل الوزر: الحمل على الظهر. وقال ابن فارس:
الوزر: الثقل. وهل هذا الحمل حقيقة؟ فيه قولان:
أحدهما: أنه على حقيقته. قال عمير بن هانئ: يحشر مع كل كافر عمله في صورة رجل قبيح، كلما كان هول عظمه عليه، وزاده خوفا، فيقول: بئس الجليس أنت، مالي ولك؟ فيقول: أنا عملك، طالما ركبتني في الدنيا، فلأركبنك اليوم حتى أخزيك على رؤوس الناس، فيركبه ويتخطى به الناس حتى يقف بين يدي ربه، فذلك قوله: (وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم) وهذا قول السدي، وعمرو بن قيس الملائي، ومقاتل.
والثاني: أنه مثل، والمعنى: يحملون ثقل ذنوبهم، قاله الزجاج. قال. فجعل ما ينالهم من العذاب بمنزلة أثقل ما يتحمل، ومعنى (ألا ساء ما يزرون): بئس الشئ شيئا يزرونه، أي يحملونه.
وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون (32)