وكذلك قرؤوا في [سورة] الرعد. قال الزجاج: المعنى: أن الليل يأتي على النهار فيغطيه، وإنما لم يقل: ويغشي النهار الليل، لأن في الكلام دليلا عليه، وقد قال في موضع آخر: (يكور الليل على النهار، ويكور النهار على الليل). وقال أبو علي: إنما لم يقل: يغشي النهار الليل، لأنه معلوم من فحوى الكلام، كقوله: (سرابيل تقيكم الحر)، وانتصب الليل والنهار، لأن كل واحد منهما مفعول به. فأما الحثيث، فهو السريع.
قوله تعالى: (والشمس والقمر والنجوم مسخرات) قرأ الأكثرون: بالنصب فيهن، على معنى: خلق السماوات والشمس. وقرأ ابن عامر: " والشمس والقمر والنجوم مسخرات " بالرفع فيهن هاهنا وفي (النحل)، تابعه حفص في قوله تعالى: (والنجوم مسخرات) في (النحل) فحسب. والرفع على الاستئناف. والمسخرات: المذللات لما يراد منهن من طلوع وأفول وسير على حسب إرادة المدبر لهن.
قوله تعالى: (ألا له الخلق) لأنه خلقهم (والأمر) فله أن يأمر بما يشاء. وقيل: الأمر:
القضاء.
قوله تعالى: (تبارك الله) فيه أربعة أقوال:
أحدها: تفاعل من البركة، رواه الضحاك عن ابن عباس، وكذلك قال القتيبي، والزجاج.
وقال أبو مالك: افتعل من البركة. وقال الحسن: تجئ البركة من قبله. وقال الفراء: تبارك: من البركة، وهو في العربية كقولك: تقدس ربنا.
والثاني: أن تبارك بمعنى تعالى، رواه أبو صالح عن ابن عباس. وكذلك قال أبو العباس:
تبارك: ارتفع، والمتبارك: المرتفع.
والثالث: أن المعنى: باسمه يتبرك في كل شئ، قاله ابن الأنباري.
والرابع: أن معنى " تبارك " تقدس، أي: تطهر، ذكره ابن الأنباري أيضا.
ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين (55) قوله تعالى: (ادعوا ربكم تضرعا) التضرع: التذلل والخضوع. والخفية: خلاف العلانية.
قال الحسن: كانوا يجتهدون في الدعاء، ولا تسمع إلا همسا. ومن هذا حديث أبي موسى: " أربعوا