وقوله: (أين شركاؤكم) سؤال توبيخ. والمراد بشركائهم: الأوثان، وإنما أضافها إليهم لأنهم زعموا أنها شركاء الله.
وفي معنى (تزعمون) قولان:
أحدهما: يزعمون أنهم شركاء مع الله.
والثاني: يزعمون أنها تشفع لهم.
ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين (23) قوله تعالى: (ثم لم تكن فتنتهم) قرأ ابن كثير، وابن عامر، وحفص عن عاصم: " ثم لم تكن " بالتاء، " فتنتهم " بالرفع. وقرأ نافع، وأبو عمر وأبو بكر عن عاصم: " تكن بالتاء أيضا، " فتنتهم " بالنصب، وقد رويت عن ابن كثير أيضا. وقرأ حمزة، والكسائي: " يكن بالياء، " فتنتهم " بالنصب. وفي " الفتنة " أربعة أقوال:
أحدها: أنها بمعنى الكلام والقول. قال ابن عباس، والضحاك: لم يكن كلامهم.
والثاني: أنها المعذرة. قال قتادة، وابن زيد: لم تكن معذرتهم. قال ابن الأنباري: فالمعنى:
اعتذروا بما هو مهلك لهم، وسبب لفضيحتهم.
والثالث: أنها بمعنى البلية. قال عطاء الخراساني: لم تكن بليتهم. وقال أبو عبيد: لم تكن بليتهم التي ألزمتهم الحجة، وزادتهم لائمة.
والرابع: أنها بمعنى الافتتان. والمعنى: لم تكن عاقبة فتنتهم.
قال الزجاج: لم يكن افتتانهم بشركهم، وإقامتهم عليه، إلا أن تبرؤوا منه. ومثل ذلك في اللغة أن ترى إنسانا يحب غاويا، فإذا وقع في هلكة تبرأ منه، فيقول: ما كانت محبتك لفلان إلا أن انتفيت منه. قال: وهذا تأويل لطيف، لا يعرفه إلا من عرف معاني الكلام، وتصرف العرب في ذلك.
وقال ابن الأنباري: المعنى: أنهم افتتنوا بقولهم هذا، إذا كذبوا فيه، ونفوا عن أنفسهم ما كانوا معروفين به في الدنيا.
قوله تعالى:: (إلا أن قالوا والله ربنا) قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم، وابن عامر:
" والله ربنا " بكسر الباء. وقرأ حمزة، والكسائي، وخلف: بنصب الباء. وفي هؤلاء القوم الذين هذا وصفهم قولان:
أحدهما: أنهم المشركون.