أحدهما: المصور، قاله السدي.
والثاني: المصير إلى كتاب أنزل إليك، ذكره الماوردي.
كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين (2) قوله تعالى: (كتاب أنزل إليك) قال الأخفش: رفع الكتاب بالابتداء. ومذهب الفراء أن الله [تعالى] اكتفى في مفتتح السور ببعض حروف المعجم عن جميعها، كما يقول القائل: " ا ب ت ث " ثمانية وعشرون حرفا، فالمعنى: حروف المعجم: كتاب أنزلناه إليك. قال ابن الأنباري:
ويجوز أن يرتفع الكتاب باضمار: هذا الكتاب. وفي الحرج قولان:
أحدهما: أنه الشك، قاله ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والسدي، وابن قتيبة.
والثاني: أنه الضيق، قاله الحسن، والزجاج. وفي هاء " منه " قولان:
أحدهما: أنها ترجع إلى الكتاب، فعلى هذا، في معنى الكلام قولان:
أحدهما: لا يضيقن صدرك بالإبلاغ، ولا تخافن، قاله الزجاج.
والثاني: لا تشكن أنه من عند الله.
والقول الثاني أنها ترجع إلى مضمر، وقد دل عليه الإنذار، وهو التكذيب، ذكره ابن الأنباري. قال الفراء: فمعنى الآية: لا يضيقن صدرك أن كذبوك. قال الزجاج: وقوله تعالى:
(لتنذر به) مقدم، والمعنى: أنزل إليه لتنذر به وذكرى للمؤمنين، فلا يكن في صدرك حرج منه.
(وذكرى) يصلح أن يكون في موضع رفع ونصب وخفض، فأما النصب، فعلى قوله: أنزل إليك لتنذر به، وذكر للمؤمنين أي الرفع على: ولتذكر به ذكرى، لأن في الإنذار معنى التذكير. ويجوز أن يكون: وهو ذكرى، كقولك: وهو ذكرى للمؤمنين. فأما الخفض، فعلى معنى: لتنذر، لأن معنى " لتنذر ": لأن تنذر، وهو في موضع خفض، المعنى للإنذار والذكرى.
اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون (3) قوله تعالى: (اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم) إن قيل: كيف خاطبه بالإفراد في الآية الأولى، ثم جمع بقوله: " اتبعوا "؟ فعنه ثلاثة أجوبة:
أحدها: أنه لما علم أن الخطاب له ولأمته، حسن الجمع لذلك المعنى.
والثاني: أن الخطاب الأول خاص له، والثاني محمول على الإنذار، والإنذار في طريق القول، فكأنه قال: لتقول لهم منذرا: " اتبعوا "، ذكرهما ابن الأنباري.