شديد العقاب (52) قوله تعالى: (كدأب آل فرعون) أي: كعادتهم. والمعنى: كذب هؤلاء كما كذب أولئك، فنزل بهم العذاب كما نزل بأولئك. قال ابن عباس: أيقن آل فرعون أن موسى نبي الله وكذبوه، فكذلك هؤلاء في حق محمد صلى الله عليه وسلم.
ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم (53) قوله تعالى: (ذلك بأن الله) أي: ذلك الأخذ والعقاب بأن الله (لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا) إلى بالكفران وترك الشكر. قال مقاتل: والمراد بالقوم هاهنا أهل مكة، أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف، ثم بعث فيهم محمدا صلى الله عليه وسلم، فلم يعرفوا المنعم عليهم، فغير الله ما بهم. وقال السدي: كذبوا بمحمد، فنقله الله إلى الأنصار. قال أبو سليمان الخطابي: والقوي يكون بمعنى القادر، فمن قوي على شئ فقد قدر عليه، وقد يكون معناه: التام القوة الذي لا يستولي عليه العجز في حال، والمخلوق، وإن وصف بالقوة، فقوته متناهية، وعن بعض الأمور قاصرة.
كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم فأهلكناهم بذنوبهم وأغرقنا آل فرعون وكل كانوا ظالمين (54) قوله تعالى: (كدأب آل فرعون والذين من قبلهم) أي: كذب أهل مكة بمحمد والقرآن، كما كذب آل فرعون بموسى والتوراة، وكذب من قبلهم بأنبيائهم. قال مكي بن أبي طالب: الكاف من " كدأب " في موضع نصب، نعت لمحذوف تقديره: غيرنا بهم لما غيروا تغييرا مثل عادتنا في آل فرعون، ومثلها الآية الأولى، إلا أن الأولى للعادة في العذاب، تقديره: فعلنا بهم ذلك فعلا مثل عادتنا في آل فرعون.
قوله تعالى: (فأهلكناهم) يعني الأمم المتقدمة، بعضهم بالرجفة، وبعضهم بالريح، فكذلك أهلكنا كفار مكة ببدر. وقال بعضهم: يعني بقوله: " فأهلكناهم " الذين أهلكوا ببدر.
إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون (55) قوله تعالى: (إن شر الدواب عند الله الذين كفروا) قال أبو صالح عن ابن عباس: نزلت