ابن مسعود، وطلحة: " تصعد " بتاء من غير ألف. وقرأ أبي بن كعب: " يتصاعد " بألف وتاء. قال الزجاج: قوله [تعالى]: (كأنما يصاعد في السماء). و " يصعد "، أصله: " يتصاعد "، و " يتصعد "، إلا أن التاء تدغم في الصاد لقربها منها، والمعنى كأنه قد كلف أن يصعد إلى السماء إذا دعي إلى الإسلام من ضيق صدره عنه. ويجوز أن يكون المعنى: كأن قلبه يصعد في السماء نبوا عن الإسلام والحكمة. وقال الفراء: ضاق عليه المذهب، فلم يجد إلا أن يصعد في السماء، وليس يقدر على ذلك. وقال أبو علي: " يصعد " و " يصاعد ": من المشقة، وصعوبة الشئ، ومنه قول عمر: ما تصعدني شئ كما تصعدتني خطبة النكاح، أي: ما شق علي شئ مشقتها.
قوله تعالى: (كذلك) أي: مثل ما قصصنا عليك. (يجعل الله الرجس) وفيه خمسة أقوال:
أحدها: أنه الشيطان، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. يعني: أن الله يسلطه عليهم.
والثاني: أنه المأتم، رواه أبو صالح عن ابن عباس.
والثالث: أنه مالا خير فيه، قاله مجاهد.
والرابع: العذاب، قاله عطاء، وابن زيد، وأبو عبيدة.
والخامس: أنه اللعنة في الدنيا والعذاب في الآخرة، قاله الزجاج. وهذه الآية تقطع كلام القدرية، إذ قد صرحت بأن الهداية والإضلال متعلقة بإرادة الله تعالى.
وهذا صراط ربك مستقيما قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون (126) قوله تعالى: (وهذا صراط ربك) فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه القرآن، قاله ابن مسعود.
والثاني: التوحيد، قاله ابن عباس.
والثالث: ما هو عليه من الدين، قاله عطاء. ومعنى استقامته: أنه يؤدي بسالكه إلى الفوز:
قال مكي بن أبي طالب: و " مستقيما ": نصب على الحال من " صراط "، وهذه الحال يقال لها:
الحال المؤكدة، لأن صراط الله، لا يكون إلا مستقيما، ولم يؤت بها لتفرق بين حالتين، إذ لا يتغير صراط الله عن الاستقامة أبدا، وليست هذه الحال كحال من قولك: " هذا زيد راكبا "، لأن زيدا قد يخلو من الركوب.
) لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون (127) قوله تعالى: (لهم دار السلام) يعني الجنة. وفي تسميتها بذلك أربعة أقوال:
أحدها: أن السلام، هو الله، وهي داره، قاله ابن عباس، والحسن، وقتادة والسدي.