إلى يوم القيامة لا ريب فيه الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون (12) قوله تعالى: (قل لمن ما في السماوات والأرض) المعنى: فإن أجابوك، وإلا ف (قل: لله، كتب على نفسه الرحمة) قال ابن عباس: قضى لنفسه أنه أرحم الراحمين. قال الزجاج: ومعنى كتب: أوجب ذلك إيجابا مؤكدا، وجائز أن يكون كتب في اللوح المحفوظ، وإنما خوطب الخلق بما يعقلون، فهم يعقلون أن توكيد الشئ المؤخر أن يحفظ بالكتاب. وقال غيره: رحمته عامة، فمنها تأخير العذاب عن مستحقه، وقبول توبة العاصي.
قوله تعالى: (ليجمعنكم إلى يوم القيامة) اللام: لام القسم. كأنه قال: والله ليجمعنكم إلى اليوم الذي أنكرتموه. وذهب قوم إلى أن " إلى " بمعنى: " في ثم اختلفوا، فقال قوم: في يوم القيامة. وقال آخرون: في قبوركم إلى يوم القيامة.
قوله تعالى: (الذين خسروا أنفسهم) أي: بالشرك، (فهم لا يؤمنون)، لما سبق فيهم من القضاء. وقال ابن قتيبة: قوله: (الذين خسروا أنفسهم) مردود إلى قوله: (كيف كان عاقبة المكذبين) الذين خسروا.
وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم (13) قوله تعالى: (وله ما سكن في الليل والنهار) سبب نزولها أن كفار مكة قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: قد علمنا أنه إنما يحملك على ما تدعونا إليه الحاجة، فنحن نجعل لك نصيبا في أموالنا حتى تكون من أغنانا رجلا، وترجع عما أنت عليه، فنزلت هذه الآية، قاله ابن عباس. وفي معنى " سكن " قولان:
أحدهما: أنه من السكنى. قال ابن الأعرابي: " سكن " بمعنى حل.
والثاني: أنه من السكون الذي يضاد الحركة. قال مقاتل: من المخلوقات ما يستقر بالنهار، وينتشر بالليل، ومنها ما يستقر بالليل، وينتشر بالنهار.
فإن قيل: لم خص السكون بالذكر دون الحركة؟ فعنه ثلاثة أجوبة:
أحدها أن السكون أعم وجودا من الحركة.
والثاني: أن كل متحرك قد يسكن، وليس كل ساكن يتحرك.
والثالث: أن في الآية إضمارا، والمعنى: وله ما سكن وتحرك، كقوله [تعالى] (تقيكم الحر) أراد: والبرد، فاختصر.