قوله تعالى: (وما من دابة في الأرض) قال ابن عباس: يريد كل ما دب على الأرض. قال الزجاج: وذكر الجناحين توكيد، وجميع ما خلق لا يخلو إما أن يدب، وإما أن يطير.
وقوله تعالى: (إلا أمم أمثالكم) قال مجاهد: أصناف مصنفة.
وقال أبو عبيدة: أجناس يعرفون الله ويعبدونه. وفي معنى " أمثالكم " أربعة أقوال:
أحدها: أمثالكم في كون بعضها يفقه عن بعض، رواه أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني: في معرفة الله، قاله عطاء.
والثالث: أمثالكم في الخلق والموت والبعث، قاله الزجاج.
والرابع: أمثالكم في كونها تطلب الغذاء، وتبتغي الرزق، وتتوقى المهالك، قاله ابن قتيبة.
قال ابن الأنباري: وموضع الاحتجاج من هذه الآية ان الله تعالى ركب في المشركين عقولا، وجعل لهم أفهاما ألزمهم بها أن يتدبروا أمر النبي صلى الله عليه وسلم ويتمسكوا بطاعته، كما جعل للطير أفهاما يعرف بها بعضها إشارة بعض، وهدى الذكر منها لإتيان الأنثى، وفي كل ذلك دليل على نفاذ قدرة المركب ذلك فيها.
قوله تعالى: (ما فرطنا في الكتاب من شئ) في الكتاب قولان:
أحدهما: أنه اللوح المحفوظ. روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس: ما تركنا شيئا إلا وقد كتبناه في أم الكتاب، وإلى هذا المعنى ذهب قتادة، وابن زيد.
والثاني: أنه القرآن. روى عطاء عن ابن عباس: ما تركنا من شئ إلا وقد بيناه لكم. فعلى هذا يكون من العام الذي أريد به الخاص، فيكون المعنى: ما فرطنا في شئ بكم إليه حاجة إلا وبيناه في الكتاب، إما نصا، وإما مجملا، وإما دلالة، كقوله تعالى: (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ) أي: لكل شئ يحتاج إليه في أمر الدين.
قوله تعالى: (ثم إلى ربهم يحشرون) فيه قولان:
أحدهما: أنه الجمع يوم القيامة، روى أبو ذر قال: " انتطحت شاتان عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا أبا ذر، أتدري فيما انتطحتا؟ قلت: لا. قال: لكن الله يدري، وسيقضي بينهما ". وقال أبو هريرة:
يحشر الله الخلق يوم القيامة، البهائم والدواب والطير وكل شئ فيبلغ من عدله أن يأخذ للجماء من القرناء، ثم يقول: كوني ترابا، فيقول الكافر: يا ليتني كنت ترابا.
والثاني: أن معنى حشرها: موتها، قاله ابن عباس، والضحاك.