أنه مدبر، لا نرى فيه إلا أثر مدبر. و " أفل " بمعنى: غاب، يقال: أفل النجم يأفل ويأفل أفولا.
قوله تعالى: (لا أحب الآفلين) أي: حب رب معبود، لأن ما ظهر وأفل كان حادثا مدبرا.
فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين (77) فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني برئ مما تشركون (78) قوله تعالى: (فلما رأى القمر) قال ابن قتيبة: سمي القمر قمرا لبياضه، والأقمر: الأبيض، وليلة قمراء، أي: مضيئة. فأما البازغ، فهو الطالع. ومعنى (لئن لم يهدني): لئن لم يثبتني على الهدى. فإن قيل: لم قال في الشمس: هذا، ولم يقل: هذه؟ فعنه أربعة أجوبة:
أحدها: أنه رأى ضوء الشمس، لا عينها، قاله محمد بن مقاتل.
والثاني: أنه أراد: هذا الطالع ربي، قاله الأخفش.
والثالث: أن الشمس بمعنى الضياء والنور، فحمل الكلام على المعنى.
والرابع: أن الشمس ليس في لفظها علامة من علامات التأنيث، وإنما يشبه لفظها لفظ المذكر، فجاز تذكيرها. ذكره والذي قبله ابن الأنباري.
إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين (79) وحاجة قومه قال أتحاجوني في الله وقد هدان ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئا وسع ربي كل شئ علما أفلا تتذكرون (80) قوله تعالى: (إني وجهت وجهي) قال الزجاج: جعلت قصدي بعبادتي وتوحيدي لله رب العالمين عز وجل. وباقي الآية قد تقدم.
وقوله تعالى: (وحاجه قومه) قال ابن عباس: جادلوه في آلهتهم، وخوفوه بها، فقال منكرا عليهم: (أتحاجوني). قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي: (أتحاجوني) و (تأمروني) بتشديد النون. وقرأ نافع، وابن عامر بتخفيفها، فحذفا النون الثانية لالتقاء النونين.
ومعنى (أتحاجوني في الله) أي: في توحيده. (وقد هدان)، أي: بين لي ما به اهتديت. وقرأ الكسائي: " هداني "، بإمالة الدال. والإمالة حسنة فيما كان أصله الياء، وهذا من هدى يهدي.
قوله تعالى: (ولا أخاف ما تشركون به) أي: لا أرهب آلهتكم، وذلك أنهم قالوا: نخاف