بدأكم تعودون (29) قوله تعالى: (وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد) فيه أربعة أقوال:
أحدها: إذا حضرت الصلاة وأنتم عند مسجد، فصلوا فيه، ولا يقولن أحدكم: أصلي في مسجدي، قاله ابن عباس، والضحاك، واختاره ابن قتيبة.
والثاني: توجهوا حيث كنتم في الصلاة إلى الكعبة، قاله مجاهد، والسدي، وابن زيد.
والثالث: اجعلوا سجودكم خالصا لله تعالى دون غيره، قاله الربيع بن أنس.
والرابع: اقصدوا المسجد في وقت كل صلاة، أمرا بالجماعة لها، ذكره الماوردي. وفي قوله: (وادعوه) قولان:
أحدهما: أنه العبادة.
والثاني: الدعاء. وفي قوله [تعالى]: (مخلصين له الدين) قولان:
أحدهما: مفردين له العبادة.
والثاني: موحدين غير مشركين. وفي قوله: (كما بدأكم تعودون) ثلاثة أقوال:
أحدها: كما بدأكم سعداء وأشقياء، كذلك تبعثون، روى هذا المعنى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، والقرظي، والسدي، ومقاتل، والفراء.
والثاني: كما خلقتم بقدرته، كذلك يعيدكم، روى هذا المعنى العوفي عن ابن عباس، وبه قال الحسن، وابن زيد، والزجاج، وقال: هذا الكلام متصل بقوله: (فيها تحيون وفيها تموتون).
والثالث: كما بدأكم لا تملكون شيئا، كذلك تعودون، ذكره الماوردي.
فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون (30) قوله تعالى: (فريقا هدى) قال الفراء: نصب الفريق ب " تعودون ". وقال ابن الأنباري:
نصب " فريقا " و " فريقا " على الحال من الضمير الذي في " تعودون "، يريد: تعودون كما ابتدأ خلقكم مختلفين، بعضكم سعداء، وبعضكم أشقياء.
قوله تعالى: (حق عليهم الضلالة) أي: بالكلمة القديمة، والإرادة السابقة.
* يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب