بما يعملون محيط (47) قوله تعالى: (ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا) قال المفسرون: هم أبو جهل ومن خرج معه من مكة، خرجوا ليدفعوا عن عيرهم التي كانت مع أبي سفيان، ومعهم القيان والمعازف، وهم يشربون الخمور. فلما رأى أبو سفيان أنه قد أحرز ما معه، كتب إليهم: إني قد أحرزت أموالكم فارجعوا. فقال أبو جهل: والله لا نفعل حتى نرد بدرا فنقيم ثلاثا، وننحر الجزر، ونطعم الطعام، ونسقى الخمور، وتسمع بنا العرب، فلا يزالون يهابونا. فساروا إلى بدر، فكانت الوقعة، فسقوا كؤوس المنايا مكان الخمر، وناحت عليهم النوائح مكان القيان، فأما البطر، فهو الطغيان في النعم، وترك شكرها. والرياء: العمل من أجل رؤية الناس. وسبيل الله هاهنا: دينه.
وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني حار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني برئ منكم إني أرى مالا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب (48) قوله تعالى: (وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم) قال عروة بن الزبير: لما أجمعت قريش المسير إلى بدر، ذكروا ما بينهم وبين كنانة من الحرب، فتبدى لهم إبليس في صورة سراقة بن مالك المدلجي، وكان من أشراف بني كنانة، فقال لهم: (لا غالب لكم اليوم من الناس، وإني جار لكم) من أن تأتيكم كنانة بشئ تكرهونه، فخرجوا سراعا. وفي المراد بأعمالهم هاهنا ثلاثة أقوال:
أحدها: شركهم.
والثاني: مسيرهم إلى بدر.
والثالث: قتالهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى: (فلما تراءت الفئتان) أي: صارتا بحيث رأت إحداهما الأخرى. وفي المراد بالفئتين قولان:
أحدهما: فئة المسلمين، وفئة المشركين، وهو قول الجمهور.
والثاني: فئة المسلمين، وفئة الملائكة، ذكره الماوردي.
قوله تعالى: (نكص على عقبيه) قال أبو عبيدة: رجع من حيث جاء. وقال ابن قتيبة: رجع