الأموال ثلاثة أصناف، فما صار إلى المسلمين من المشركين في حال الحرب، فقد سماه الله تعالى:
أنفالا وغنائم، وما صار من المشركين من خراج أو جزية مما لم يؤخذ في الحرب، فقد سماه:
فيئا، وما خرج من أموال المسلمين، كالزكاة، والنذر، والقرب، سماه: صدقة. وأما قوله [تعالى]:
(من شئ) فالمراد به: كل ما وقع عليه اسم شئ. قال مجاهد: المخيط من الشئ.
قوله تعالى: (فإن لله خمسه) وروى عبد الوارث: " خمسه " بسكون الميم. وفي المراد بالكلام قولان:
أحدهما: أن نصيب الله مستحق يصرف إلى بيته. قال أبو العالية: كان يجاء بالغنيمة فيقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على خمسة أسهم، فيقسم أربعة بين الناس، ثم يجعل من السهم الخامس للكعبة، وهذا مما انفرد به أبو العالية فيما يقال.
والثاني: أن ذكر الله هاهنا لأحد وجهين.
أحدهما: لأنه المتحكم فيه، والمالك له، والمعنى: فإن للرسول خمسه ولذي القربى، كقوله تعالى: (يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول).
والثاني: أن يكون المعنى: إن الخمس مصروف في وجوه القرب إلى الله تعالى، وهذا قول الجمهور. فعلى هذا تكون الواو زائدة، كقوله تعالى: (فلما أسلما وتله للجبين وناديناه) المعنى: ناديناه، ومثله كثير.
فصل أجمع العلماء على أن أربعة أخماس الغنيمة لأهل الحرب خاصة، فأما الخمس الخامس، فكيف يقسم؟ فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: يقسم منه لله وللرسول ولمن ذكر في الآية. وقد ذكرنا أن هذا مما انفرد به أبو العالية، وهو يقتضي أن يقسم على ستة أسهم.
والثاني: أنه مقسوم على خمسة أسهم: سهم للرسول، وسهم لذوي القربى، وسهم لليتامى وسهم للمساكين، وسهم لأبناء السبيل، على ظاهر الآية، وبه قال الجمهور.
والثالث: أنه يقسم على أربعة أسهم. فسهم الله عز وجل وسهم رسوله عائد على ذوي القربى، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يأخذ منه شيئا، وهذا المعنى رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.