قوله تعالى: (والذين تدعون من دونه) يعني الأصنام (لا يستطيعون نصركم) أي: لا يقدرون على منعكم ممن أرادكم بسوء، ولا يمنعون أنفسهم من سوء أريد بهم.
وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون (198) قوله تعالى: (وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا) في المراد بهؤلاء قولان:
أحدهما: أنهم الأصنام. ثم في قوله [تعالى]: (وتراهم ينظرون إليك) قولان:
أحدهما: يواجهونك، تقول العرب: داري تنظر إلى دارك، (وهم لا يبصرون) لأنه ليس فيهم أرواح.
والثاني: وتراهم كأنهم ينظرون إليك، لأن لهم أعينا مصنوعة، فأسقط كاف التشبيه، كقوله [تعالى]: (وترى الناس سكارى) أي: كأنهم سكارى، (وهم لا يبصرون) في الحقيقة.
وإنما أخبر عنهم بالهاء والميم، لأنهم على هيئة بني آدم.
والقول الثاني: أنهم المشركون، فالمعنى: وتراهم ينظرون إليك بأعينهم ولا يبصرون بقلوبهم.
خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين (199) قوله تعالى: (خذ العفو) العفو: الميسور، وقد سبق شرحه في سورة البقرة. وفي الذي أمر بأخذ العفو منه ثلاثة أقوال:
أحدها: أخلاق الناس، قاله ابن الزبير، والحسن، ومجاهد فيكون المعنى: اقبل الميسور من أخلاق الناس، ولا تستقص عليهم فتظهر منهم البغضاء.
والثاني: أنه المال، وفيه قولان:
أحدهما: أن المراد بعفو المال: الزكاة، قاله مجاهد في رواية والضحاك.
والثاني: أنها صدقة كانت تؤخذ قبل فرض الزكاة، ثم نسخت بالزكاة، روي عن ابن عباس.
والثالث: أن المراد به: مساهلة المشركين والعفو عنهم، ثم نسخ بآية السيف، قاله ابن زيد.
قوله تعالى: (وأمر بالعرف) أي: بالمعروف.
وفي قوله: (وأعرض عن الجاهلين) قولان: