قوله تعالى: (أولا يرون) يعني المنافقين. وقرأ حمزة: " أولا ترون " بالتاء على الخطاب للمؤمنين. وفي معنى (يفتنون) ثمانية أقوال:
أحدها: يكذبون كذبة أو كذبتين يضلون بها، قاله حذيفة بن اليمان.
والثاني: ينافقون ثم يؤمنون ثم ينافقون، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
والثالث: يبتلون بالغزو في سبيل الله، قاله الحسن، وقتادة.
والرابع: يفتنون بالسنة والجوع، قاله مجاهد.
والخامس: بالأوجاع والأمراض، قاله عطية.
والسادس: ينقضون عهدهم مرة أو مرتين، قاله يمان.
والسابع: يكفرون، وذلك أنهم كانوا إذا أخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم بما تكلموا به إذ خلوا، علموا أنه نبي، ثم يأتيهم الشيطان فيقول: إنما بلغه هذا عنكم، فيشركون، قاله مقاتل بن سليمان.
والثامن: يفضحون بإظهار نفاقهم، قاله مقاتل بن حيان.
قوله تعالى: (ثم لا يتوبون) أي: من نفاقهم. (ولا هم يذكرون) أي: يعتبرون ويتعظون.
وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون (127) قوله تعالى: (وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض) قال ابن عباس: كانت إذا أنزلت سورة فيها عيب المنافقين، وخطبهم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وعرض بهم في خطبته، شق ذلك عليهم، ونظر بعضهم إلى بعض يريدون الهرب، يقولون: (هل يراكم من أحد) من المؤمنين إن قمتم؟
فإن لم يرهم أحد، خرجوا من المسجد. قال الزجاج: كأنهم يقولون ذلك إيماء لئلا يعلم بهم أحد، (ثم انصرفوا) عن المكان، وجائز عن العمل بما يسمعون. وقال الحسن: ثم انصرفوا على عزم التكذيب بمحمد [صلى الله عليه وسلم] وبما جاء به.
قوله تعالى: (صرف الله قلوبهم) قال ابن عباس: عن الإيمان. وقال الزجاج: أضلهم مجازاة على فعلهم.
لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم (128) قوله تعالى: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم) قرأ الجمهور بضم الفاء. وقرأ ابن عباس، وأبو العالية، والضحاك، وابن محيصن، ومحبوب عن أبي عمرو: بفتحها. وفي المضمومة أربعة أقوال: