أحدهما: أن المعنى: يأخذوا بحسنها، وكلها حسن، قاله قطرب، وقال ابن الأنباري: ناب " أحسن " عن " حسن " كما قال الفرزدق:
إن الذي سمك السماء بنى لنا * بيتا دعائمه أعز وأطول أي: عزيزة طويلة. وقال غيره: " الأحسن " هاهنا صلة، والمعنى أن يأخذوا بها.
والثاني: أن بعض ما فيها أحسن من بعض. ثم في ذلك خمسة أقوال:
أحدها: أنهم أمروا فيها بالخير ونهوا عن الشر، ففعل الخير هو الأحسن.
والثاني: أنها اشتملت على أشياء حسنة بعضها أحسن من بعض، كالقصاص والعفو والانتصار والصبر، فأمروا أن يأخذوا بالأحسن، ذكر القولين الزجاج. فعلى هذا القول، يكون المعنى: انهم يتبعون العزائم والفضائل، وعلى الذي قبله، يكون المعنى: أنهم يتبعون الموصوف بالحسن وهو الطاعة، ويجتنبون الموصوف بالقبح وهو المعصية.
والثالث: أحسنها، الفرائض والنوافل، وأدونها في الحسن: المباح.
والرابع: أن يكون للكلمة معنيان أو ثلاثة، فتصرف إلى الأشبه بالحق.
والخامس: أن أحسنها: الجمع بين الفرائض والنوافل.
قوله تعالى: (سأريكم دار الفاسقين) فيها أربعة أقوال:
أحدها: أنها جهنم، قاله الحسن، ومجاهد.
والثاني: أنها دار فرعون وقومه، وهي مصر، قاله عطية العوفي.
والثالث: أنها منازل من هلك من الجبابرة والعمالقة، يريهم إياها عند دخولهم الشام، قاله قتادة.
والرابع: أنها مصارع الفاسقين، قاله السدي. ومعنى الكلام: سأريكم عاقبة من خالف أمري، وهذا تهديد للمخالف، وتحذير للموافق.
سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين (146) والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة حبطت أعمالهم هل يجزون إلا ما كانوا يعملون (147) قوله تعالى: (سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق) في هذه الآية قولان: