منها، كانت تجئ إلى القدور وهي تغلي وتفور، فتلقي أنفسها فيها، فتفسد طعامهم وتطفئ نيرانهم، وكانت الضفادع برية، فأورثها الله عز وجل برد الماء والثرى إلى يوم القيامة، فسألوه، فدعا لهم، فلم يؤمنوا، فأرسل الله عليهم الدم، فجرت أنهارهم وقلبهم دما، فلم يقدروا على الماء العذب، وبنو إسرائيل في الماء العذب، فإذا دخل الرجل منهم يستقي من أنهار بني إسرائيل صار ما دخل فيه دما، والماء من بين يديه ومن خلفه صاف عذب لا يقدر عليه، فقال فرعون: أقسم بإلهي يا موسى لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن بك، ولنرسلن معك بني إسرائيل، فدعا موسى، فذهب الدم وعذب ماؤهم، فقالوا: والله لا نؤمن بك ولا نرسل معك بني إسرائيل.
قوله تعالى: (آيات مفصلات) قال ابن قتيبة: بين الآية والآية فصل. قال المفسرون: كانت الآية تمكث من السبت إلى السبت، ثم يبقون عقيب رفعها شهرا في عافية، ثم تأتي الآية الأخرى.
وقال وهب بن منبه: بين كل آيتين أربعون يوما. وروى عكرمة عن ابن عباس قال: مكث موسى في آل فرعون بعدما غلب السحرة عشرين سنة يريهم الآيات، الجراد والقمل والضفادع والدم.
وفي قوله [تعالى]: " فاستكبروا " قولان:
أحدهما: عن الإيمان.
والثاني: عن الانزجار.
ولما وقع عليهم الرجز قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل (134) فلما كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون (135) فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين (136) قوله تعالى: (ولما وقع عليهم الرجز) أي: نزل بهم العذاب. وفي هذا العذاب قولان:
أحدهما: أنه طاعون أهلك منهم سبعين ألفا، قاله ابن عباس، وسعيد بن جبير.
والثاني: أنه العذاب الذي سلطه الله عليهم من الجراد والقمل وغير ذلك، قاله ابن زيد. قال الزجاج: " الرجز ": العذاب، أو العمل الذي يؤدي إلى العذاب. ومعنى الرجز في العذاب: أنه المقلقل لشدته قلقلة شديدة متتابعة. وأصل الرجز في اللغة: تتابع الحركات، فمن ذلك قولهم:
ناقة رجزاء، إذا كانت ترتعد قوائمها عند قيامها. ومنه رجز الشعر، لأنه أقصر أبيات الشعر، والانتقال من بيت إلى بيت، سريع، نحو قوله:
يا ليتني فيها جذع * أخب فيها وأضع