والخامس: أنها نزلت تأمر بالإنصات للامام في الخطبة يوم الجمعة، روي عن عائشة، وسعيد بن جبير، وعطاء، ومجاهد، وعمرو بن دينار في آخرين.
واذكر ربك في نفسك تضرعا وخفية ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين (205) قوله تعالى: (واذكر ربك في نفسك) في هذا الذكر أربعة أقوال:
أحدها: أنه القراءة في الصلاة، قاله ابن عباس، فعلى هذا، أمر أن يقرأ في نفسه في صلاة الإسرار.
والثاني: أنه القراءة خلف الإمام سرا في نفسه، قاله قتادة.
والثالث: أنه ذكر الله باللسان.
والرابع: أنه ذكر الله باستدامة الفكر، لا يغفل عن الله تعالى، ذكر القولين الماوردي. وفي المخاطب بهذا الذكر قولان:
أحدهما: أنه المستمع للقرآن، إما في الصلاة، وإما من الخطيب، قاله ابن زيد.
والثاني: أنه خطاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومعناه عام في جميع المكلفين.
قوله تعالى: (تضرعا وخيفة) التضرع: الخشوع في تواضع، والخيفة: الحذر من عقابه.
قوله تعالى: (ودون الجهر من القول) الجهر: الإعلان بالشئ، ورجل جهير الصوت: إذا كان صوته عاليا. وفي هذا نص على أنه الذكر باللسان، ويحتمل وجهين.
أحدهما: قراءة القرآن.
والثاني: الدعاء وكلاهما مندوب إلى إخفائه، إلا أن صلاة الجهر قد بين أدبها في قوله [تعالى]: (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها). فأما الغدو فهو جمع غدوة، والآصال جمع أصل، والأصل جمع أصيل، فالآصال جمع الجمع، والآصال: العشيات. وقال أبو عبيدة: هي ما بين العصر إلى المغرب، وأنشد:
لعمري لأنت البيت أكرم أهله * وأقعد في أفيائه بالأصائل وروي عن ابن عباس أنه قال: يعني بالغدو: صلاة الفجر، والآصال: صلاة العصر.