قوله تعالى: (ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة) قرأ الجمهور " يتوفى " بالياء. وقرأ ابن عامر " تتوفى " بتاءين. قال المفسرون: نزلت في الرهط الذين قالوا: " غر هؤلاء دينهم ". وفي المراد بالملائكة ثلاثة أقوال:
أحدها: ملك الموت وحده، قاله مقاتل.
والثاني: ملائكة العذاب، قاله أبو سليمان الدمشقي.
والثالث: الملائكة الذين قاتلوا يوم بدر، ذكره الماوردي. وفي قوله [تعالى]: (يضربون وجوههم وأدبارهم) أربعة أقوال:
أحدها: يضربون وجوههم ببدر لما قاتلوا، وأدبارهم لما انهزموا.
والثاني: أنهم جاؤوهم من بين أيديهم ومن خلفهم، فالذين أمامهم ضربوا وجوههم، والذين وراءهم ضربوا أدبارهم.
والثالث: يضربون وجوههم يوم القيامة إذا لقوهم، وأدبارهم إذا ساقوهم إلى النار.
والرابع: أنهم يضربون وجوههم وأدبارهم عند الموت بسياط من نار. وهل المراد نفس الوجوه والأدبار، أم المراد ما أقبل من أبدانهم وأدبر؟ فيه قولان:
وفي قوله [تعالى] (وذوقوا عذاب الحريق) قولان:
أحدهما: أنه في الدنيا، وفيه إضمار " يقولون "، فالمعنى: يضربون ويقولون، كقوله [تعالى]. (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا) أي: ويقولان. قال النابغة:
كأنك من جمال بني أقيش * يقعقع خلف رجليه بشن والمعنى: كأنك جمل من جمال بني أقيش، هذا قول الفراء وأبي عبيدة.
والثاني: أن الضرب لهم في الدنيا، فإذا وردوا يوم القيامة إلى النار، قال خزنتها: ذوقوا عذاب الحريق، هذا قول مقاتل.
ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد (51) قوله تعالى: (وذلك بما قدمت أيديكم) أي: بما كسبتم من قبائح أعمالكم. (وأن الله ليس بظلام للعبيد) لا يظلم عباده بعقوبتهم على الكفر، وإن كان كفرهم بقضائه، لأنه مالك، فله التصرف في ملكه كما شاء فيستحيل نسبة الظلم إليه.
كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كفروا بآيات الله فأخذهم الله بذنوبهم إن الله قوي