قوله [تعالى]: (توفته رسلنا) وبين قوله [تعالى]: (قل يتوفاكم ملك الموت)؟ فعنه جوابان:
أحدهما: أنه يجوز أن يريد بالرسل ملك الموت وحده، وقد يقع الجمع على الواحد.
والثاني: أن أعوان ملك الموت يفعلون بأمره، فأضيف الكل إلى فعله. وقيل: توفي أعوان ملك الموت بالنزع، وتوفي ملك الموت بأن يأمر الأرواح فتجيب، ويدعوها فتخرج، وتوفي الله تعالى بأن يخلق الموت في الميت.
ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين (62) قوله تعالى: (ثم ردوا إلى الله) يعني العباد. وفي متولي الرد قولان:
أحدهما: أنهم الملائكة، ردتهم بالموت إلى الله تعالى.
والثاني: أنه الله عز وجل، ردهم بالبعث في الآخرة. وفي معنى ردهم إلى الله تعالى، قولان:
أحدهما: أنهم ردوا إلى المكان الذي لا يملك الحكم فيه إلا الله وحده.
والثاني: أنهم ردوا إلى تدبيره وحده، لأنه لما أنشأهم كان منفردا بتدبيرهم، فلما مكنهم من التصرف، صاروا في تدبير أنفسهم، ثم كفهم عنه بالموت، فصاروا مردودين إلى تدبيره.
قوله تعالى: (ألا له الحكم) يعني القضاء. وبيان سرعة الحساب، في [سورة] البقرة.
قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية لئن أنجانا بكر من هذه لنكونن من الشاكرين (63) قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون (64) قوله تعالى: (قل من ينجيكم) قرأ عاصم، وحمزة، والكسائي، وأبو جعفر: (قل من ينجيكم) (قل الله ينجيكم)، مشددين. وقرأ يعقوب، والقزاز عن عبد الوارث: بسكون النون وتخفيف الجيم. قال الزجاج: والمشددة أجود للكثرة. وظلمات البر والبحر: شدائدها، والعرب تقول لليوم الذي تلقى فيه شدة: يوم مظلم، حتى إنهم يقولون: يوم ذو كواكب، أي: قد اشتدت ظلمته حتى صار كالليل. قال الشاعر:
فدى لبني ذهل بن شيبان ناقتي إذا كان يوما ذا كواكب أشنعا