والثاني: أن الموجب للنعيم الرضوان، والموجب ثمرة الموجب، فهو الأصل.
يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير (73) قوله تعالى: (جاهد الكفار والمنافقين) أما جهاد الكفار، فبالسيف. وفي جهاد المنافقين قولان:
أحدهما: أنه باللسان، قاله ابن عباس، والحسن، والضحاك، والربيع بن أنس.
والثاني: جهادهم بإقامة الحدود عليهم، روي عن الحسن، وقتادة.
فإن قيل: إذا كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قد أمر بجهادهم وهو يعلم أعيانهم، فكيف تركهم بين أظهر أصحابه فلم يقتلهم؟.
فالجواب: أنه إنما أمر بقتال من أظهر كلمة الكفر وأقام عليها، فأما من إذا أطلع على كفره، أنكر وحلف وقال: إني مسلم، فإنه أمر أن يأخذه بظاهر أمره، ولا يبحث عن سره.
قوله تعالى: (واغلظ عليهم) قال ابن عباس: يريد شدة الانتهار لهم، والنظر بالبغضة والمقت. وفي الهاء والميم من " عليهم " قولان:
أحدهما: أنه يرجع إلى الفريقين، قاله ابن عباس.
والثاني: إلى المنافقين، قاله مقاتل.
يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير (74) قوله تعالى: (يحلفون بالله ما قالوا) في سبب نزولها ثلاثة أقوال:
أحدها: أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ذكر المنافقين فعابهم، فقال الجلاس بن سويد: إن كان ما يقول على إخواننا حقا، لنحن شر من الحمير. فقال عامر بن قيس: والله إنه لصادق، ولأنتم شر من الحمير، وأخبر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بذلك، فأتى الجلاس فقال: ما قلت شيئا، فحلفا عند المنبر، فنزلت هذه الآية، قاله أبو صالح عن ابن عباس، وذهب إلى نحوه الحسن، ومجاهد، وابن سيرين.
والثاني: أن عبد الله بن أبي قال: والله لئن رجعنا إلى المدينة، ليخرجن الأعز منها الأذل،