" أسرى " وكذلك " لمن في أيديكم من الأسرى ". وقرأ أبو جعفر، والمفضل " أسارى " في الموضعين، ووافقهما أبو عمرو، وأبان في الثاني. قال الزجاج: والإثخان في كل شئ: قوة الشئ وشدته. يقال: قد أثخنه المرض: إذا اشتدت قوته عليه. والمعنى: حتى يبالغ في قتل أعدائه. ويجوز أن يكون المعنى: حتى يتمكن في الأرض. قال المفسرون: معنى الآية. ما كان لنبي أن يحبس كافرا قدر عليه للفداء أو المن قبل الإثخان في الأرض. وكانت غزاة بدر أول قتال قاتله رسول الله، ولم يكن قد أثخن في الأرض بعد. (تريدون عرض الدنيا) وهو المال. وكان أصحاب رسول الله قد فادوا يومئذ بأربعة آلاف أربعة آلاف. وفي قوله [تعالى]: (والله يريد الآخرة) قولان:
أحدهما: يريد لكم الجنة، قاله ابن عباس.
والثاني: يريد العمل بما يوجب ثواب الآخرة، ذكره الماوردي.
فصل وقد روي عن ابن عباس، ومجاهد في آخرين: أن هذه الآية منسوخة بقوله [تعالى]:
(فإما منا بعد وإما فداء)، وليس للنسخ وجه، لأن غزاة بدر كانت وفي المسلمين قلة، فلما كثروا واشتد سلطانهم، نزلت الآية الأخرى، ويبين هذا قوله [تعالى]: (حتى يثخن في الأرض).
لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم (68) قوله تعالى: (لولا كتاب من الله سبق) في معناه خمسة أقوال:
أحدها: لولا أن الله كتب في أم الكتاب أنه سيحل لكم الغنائم لمسكم فيما تعجلتم من المغانم والفداء يوم بدر قبل أن تؤمروا بذلك عذاب عظيم، روى هذا المعنى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال مقاتل. وقال أبو هريرة: تعجل ناس من المسلمين فأصابوا الغنائم، فنزلت الآية.
والثاني: لولا كتاب من الله سبق أنه لا يعذب من أتى ذنبا على جهالة لعوقبتم، روى هذا المعنى عطاء عن ابن عباس، وابن جريج عن مجاهد. وقال ابن إسحاق: سبق أن لا أعذب إلا بعد النهي، ولم يكن نهاهم.
والثالث: لولا ما سبق لأهل بدر أن الله لا يعذبهم، لعذبتم، قاله الحسن، وابن جبير، وابن أبي نجيح عن مجاهد.