أحدها: وحدانية الله وقدرته.
والثاني: نبوته ورسالته.
والثالث: ليكون موقنا بعلم كل شئ حسا، لا خبرا.
فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين (76) قوله تعالى: (فلما جن عليه الليل) قال الزجاج: يقال: جن عليه الليل، وأجنه الليل: إذا أظلم، حتى يستر بظلمته، ويقال لكل ما ستر: جن، وأجن، والاختيار أن يقال: جن عليه الليل، وأجنه الليل.
الإشارة إلى بدء قصة إبراهيم عليه السلام روى أبو صالح عن ابن عباس قال: ولد إبراهيم في زمن نمروذ، وكان لنمروذ كهان، فقالوا له: يولد في هذه السنة مولود يفسد آلهة أهل الأرض، ويدعوهم إلى غير دينهم، ويكون هلاك أهل بيتك على يديه، فعزل النساء عن الرجال، ودخل آزر إلى بيته، فوقع على زوجته، فحملت، فقال الكهان لنمروذ: إن الغلام قد حمل به الليلة. فقال: كل من ولدت غلاما فاقتلوه. فلما أخذ أم إبراهيم المخاض، خرجت هاربة، فوضعته في نهر يابس، ولفته في خرقة، ثم وضعته في حلفاء، وأخبرت به أباه، فأتاه، فحفر له سربا، وسد عليه بصخرة، وكانت أمه تختلف إليه فترضعه، حتى شب وتكلم، فقال لأمه: من ربي؟ فقالت: أنا. قال: فمن ربك؟ قالت: أبوك. قال: فمن رب أبي؟ قالت: اسكت. فسكت، فرجعت إلى زوجها، فقالت: إن الغلام الذي كنا نتحدث أنه يغير دين أهل الأرض، ابنك. فأتاه، فقال له مثل ذلك. فلما جن عليه الليل، دنا من باب السرب، فنظر فرأى كوكبا. قرأ ابن كثير، وحفص عن عاصم " رأى "، بفتح الراء والهمزة، وقرأ أبو عمرو:
" رأى "، بفتح الراء وكسر الهمزة، وقرأ ابن عامر، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم.
" رأى "، بكسر الراء والهمزة، واختلفوا فيها إذا لقيها ساكن، وهو آت في ستة مواضع: (رأى القمر) (فلما رأى الشمس) وفي النحل (وإذا رأى الذين ظلموا) (وإذا رأى الذين أشركوا) وفي الكهف: (ورأى المجرمون النار)، وفي الأحزاب: (ولما رأى المؤمنون). وقرأ أبو بكر عن عاصم، وحمزة إلا العبسي، وخلف في اختياره: بكسر الراء وفتح الهمزة في الكل، وروى العبسي كسرة الهمزة أيضا، وقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، والكسائي: بفتح الراء والهمزة. فإن اتصل ذلك بمكنى، فقال نحو: رآك، ورآه، ورآها، فإن حمزة،