والخامس: أن ناسا من المنافقين قالوا: يرجو هذا الرجل أن يفتح قصور الشام وحصونها، هيهات، فأطلع الله نبيه على ذلك، فقال نبي الله: " احبسوا علي الركب "، فأتاهم، فقال: " قلتم كذا وكذا "، فقالوا: إنما كنا نخوض ونلعب، فنزلت هذه الآية، قاله قتادة.
والسادس: أن عبد الله بن أبي، ورهطا معه، كانوا يقولون في رسول الله وأصحابه مالا ينبغي، فإذا بلغ رسول الله قالوا: إنما كنا نخوض ونلعب، فقال الله تعالى: (قل) لهم (أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون)، قاله الضحاك. فقوله [تعالى]: (ولئن سألتهم) أي: عما كانوا فيه من الاستهزاء (ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب) أي: نلهو بالحديث. وقوله [تعالى]: (قد كفرتم) أي: قد ظهر كفركم بعد إظهاركم الإيمان، وهذا يدل على أن الجد واللعب في إظهار كلمة الكفر سواء.
قوله تعالى: (إن يعف عن طائفة منكم) قرأ الأكثرون " إن يعف " بالياء، " تعذب " بالتاء. وقرأ عاصم غير أبان " إن نعف "، " نعذب "، بالنون فيهما ونصب " طائفة "، والمعنى: إن نعف عن طائفة منكم بالتوفيق للتوبة، نعذب طائفة بترك التوبة. وقيل: الطائفتان هاهنا ثلاثة، فاستهزأ اثنان، وضحك واحد. ثم أنكر عليهم بعض ما سمع. وقد ذكرنا عن ابن عباس أسماء الثلاثة، وأن الضحاك اسمه الجهير، وقال غيره: هو مخشي بن خمير. وقال ابن عباس ومجاهد: الطائفة: الواحد فما فوقه. وقال الزجاج: أصل الطائفة في اللغة: الجماعة، ويجوز أن يقال للواحد: طائفة، يراد به: نفس طائفة. قال ابن الأنباري: إذا أريد بالطائفة الواحد، كان أصلها طائفا، على مثال: قائم وقاعد، فتدخل الهاء للمبالغة في الوصف، كما يقال: رواية، علامة، نسابة. قال عمر بن الخطاب: ما فرغ من تنزيل (براءة) حتى ظننا أن لن يبقى منا أحد إلا ينزل فيه شئ.
المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون (67) وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم (68) كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالا وأولادا فاستمتعوا