ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم (113) وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم (114) قوله تعالى: (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين) في سبب نزولها أربعة أقوال:
أحدها: أن أبا طالب لما حضرته الوفاة، دخل عليه رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، وعنده أبو جهل، وعبد الله بن أبي أمية، فقال: " أي عم، قل معي: لا إله إلا الله، أحاج لك بها عند الله "، فقال أبو جهل وابن أبي أمية: يا أبا طالب، أترغب عن ملة عبد المطلب؟! فلم يزالا يكلمانه، حتى قال آخر شئ كلمهم به: أنا على ملة عبد المطلب. فقال النبي صلى الله عليه وسلم " لأستغفرن لك ما لم أنه عنك "، فنزلت (ما كان للنبي والذين آمنوا...) الآية، ونزلت (إنك لا تهدي من أحببت) أخرجه البخاري ومسلم في " الصحيحين " من حديث سعيد بن المسيب عن أبيه. وقيل: إنه لما مات أبو طالب، جعل النبي صلى الله عليه وسلم يستغفر له، فقال المسلمون: ما يمنعنا أن نستغفر لآبائنا ولذوي قراباتنا، وقد استغفر إبراهيم لأبيه، وهذا محمد يستغفر لعمه؟ فاستغفروا للمشركين، فنزلت هذه الآية. قال أبو الحسين بن المنادي: هذا لا يصح، إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمه " لأستغفرن لك ما لم أنه عنك " قبل أن يموت، وهو في السياق، فأما أن يكون استغفر له بعد الموت، فلا، فانقلب ذلك على الرواة، وبقي على انقلابه.
والثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبر أمه آمنة، فتوضأ وصلى ركعتين، ثم بكى فبكى الناس لبكائه، ثم انصرف إليهم، فقالوا: ما الذي أبكاك؟ فقال: " مررت بقبر أمي فصليت ركعتين، ثم استأذنت ربي أن أستغفر لها، فنهيت، فبكيت، ثم عدت فصليت ركعتين، واستأذنت ربي أن أستغفر لها، فزجرت زجرا، فأبكاني "، ثم دعا براحلته فركبها، فما سار إلا هنيأة، حتى قامت الناقة لثقل الوحي، فنزلت (ما كان للنبي والذين آمنوا) والآية التي بعدها، رواه بريدة عن رسول الله.
والثالث: أن رجلا استغفر لأبويه، وكانا مشركين، فقال له علي بن أبي طالب: أتستغفر