أن تمسك آلهتنا بسوء، فقال: لا أخافها لأنها لا تضر ولا تنفع (إلا أن يشاء ربي شيئا) فله أخاف (وسع ربي كل شئ علما) أي: علمه علما تاما.
وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون (81) الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون (82) قوله تعالى: (وكيف أخاف ما أشركتم) أي: من هذه الأصنام التي لا تضر ولا تنفع، ولا تخافون أنتم أنكم أشركتم بالله الذي خلقكم ورزقكم وهو قادر على ضركم ونفعكم (ما لم ينزل به عليكم سلطانا) أي: حجة (فأي الفريقين أحق بالأمن) أي: بأن يأمن العذاب، الموحد الذي يعبد من بيده الضر والنفع؟ أم المشرك الذي يعبد ما لا يضر ولا ينفع؟ ثم بين الأحق من هو بقوله [تعالى]:
(الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) أي: لم يخلطوه بشرك. روى البخاري، ومسلم في " صحيحيهما " من حديث ابن مسعود قال: لما نزلت هذه الآية، شق ذلك على المسلمين، فقالوا: يا رسول الله، رأينا ذلك؟ فقال: إنما هو الشرك، ألم تسموا ما قاله لقمان لابنه: (إن الشرك لظلم عظيم)؟ وفيمن عني بهذه الآية، ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه إبراهيم وأصحابه، وليست في هذه الأمة، قاله علي بن أبي طالب. وقال في رواية أخرى: هذه الآية لإبراهيم خاصة، ليس لهذه الأمة منها شئ.
والثاني: أنه من هاجر إلى المدينة، قاله عكرمة.
والثالث: أنها عامة، ذكره بعض المفسرين. وهل هي من قول إبراهيم لقومه، أم جواب من الله تعالى؟ فيه قولان:
وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم (83) قوله تعالى: (وتلك حجتنا) يعني ما جرى بينه وبين قومه من الاستدلال على حدوث الكوكب والقمر والشمس، وعيبهم، إذ سووا بين الصغير والكبير، وعبدوا من لا ينطق، وإلزامه إياهم الحجة. (آتيناها إبراهيم) أرشدناه إليها بالإلهام. وقال مجاهد: الحجة قول إبراهيم (فأي