قوله تعالى: (قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم) أي: أذهبها، (وختم على قلوبكم) حتى لا تعرفون شيئا (من آله غير الله يأتيكم به)؟ في هاء " به " ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها تعود على الفعل، والمعنى: يأتيكم بما أخذ الله منكم، قاله الزجاج. وقال الفراء: إذا كنيت عن الأفاعيل، وإن كثرت، وحدت الكناية، كقولك للرجل: إقبالك وإدبارك يؤذيني.
والثاني: أنها تعود إلى الهدى، ذكره الفراء. فعلى هذا تكون الكناية عن غير مذكور، ولكن المعنى يشتمل عليه، لأن من أخذ سمعه وبصره وختم على قلبه لم يهتد.
والثالث: أنها تعود على السمع، ويكون ما عطف عليه داخلا معه في القصة، لأنه معطوف عليه، ذكره الزجاج. والجمهور يقرؤون: (من إله غير الله يأتيكم به انظر) بكسر هاء " به ". وروى المسيبي عن نافع: " به انظر ": بالضم. قال أبو علي: من كسر، حذف الياء التي تلحق الهاء في نحو: بهي عيب: ومن ضم، فعلى قول من قال: فخسفنا بهو وبدار هو الأرض، فحذف الواو.
قوله تعالى: (انظر كيف نصرف الآيات) قال مقاتل: يعني تكون العلامات في أمور شتى، فيخوفهم بأخذ الأسماع والأبصار والقلوب، وبما صنع بالأمم الخالية (ثم هم يصدفون)، أي:
يعرضون فلا يعتبرون.
قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون (47) قوله تعالى: (قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة) قال الزجاج: البغتة المفاجأة، والجهرة: أن يأتيهم وهم يرونه. (هل يهلك إلا القوم الظالمون) أي: هل يهلك إلا أنتم ومن أشبهكم، لأنكم كفرتم معاندين، فقد علمتم أنكم ظالمون.
وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين فمن آمن وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون (48) والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون (49) قوله تعالى: (وما نرسل المرسلين إلا مبشرين) أي: بالثواب، ومنذرين بالعقاب، وليس إرسالهم ليأتوا بما يقترحونه من الآيات. ثم ذكر ثواب من صدق، وعقاب من كذب في تمام الآية والتي بعدها. وقال ابن عباس: يفسقون: بمعنى يكفرون.
قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع