فإن قيل: كيف قال: " ينفقونها " وقد ذكر شيئين؟ فعنه جوابان:
أحدهما: أن المعنى: يرجع إلى الكنوز والأموال.
والثاني: أنه يرجع إلى الفضة، وحذف الذهب، لأنه داخل في الفضة، قال الشاعر:
نحن بما عندنا وأنت بما * عندك راض والرأي مختلف يريد: نحن بما عندنا راضون، وأنت بما عندك راض، ذكر القولين الزجاج. وقال الفراء: إن شئت اكتفيت بأحد المذكورين، كقوله [تعالى]: (ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا)، وقوله [تعالى]: (وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها)، وأنشد:
إني ضمنت لمن أتاني ما جنى * وأبى وكان وكنت غير غدور ولم يقل: غدورين، وإنما اكتفى بالواحد لاتفاق المعنى. قال أبو عبيدة: والعرب إذا أشركوا بين اثنين قصروا، فخبروا عن أحدهما استغناء بذلك، وتحقيقا، لمعرفة السامع بأن الآخر قد شاركه، ودخل معه في ذلك الخبر، وأنشد:
فمن يك أمسى بالمدينة رحله * فإني وقيار بها لغريب والنصب في " قيار " أجود، وقد يكون الرفع. وقال حسان بن ثابت:
إن شرخ الشباب والشعر الأسود * ما لم يعاص كان جنونا ولم يقل: يعاصيا.
يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون (35) قوله تعالى: (يوم يحمى عليها) أي: على الأموال. قال ابن مسعود: والله ما من رجل يكوى بكنز، فيوضع دينار على دينار ولا درهم على درهم، ولكن يوسع جلده، فيوضع كل دينار ودرهم على حدته. وقال ابن عباس: هي حية تنطوي على جنبيه وجبهته، فتقول: أنا مالك الذي بخلت به.