لأسرعوا بينكم، وأصله من التخلل. قال الزجاج: يقال: أوضعت في السير: أسرعت.
قوله تعالى: (يبغونكم الفتنة) قال الفراء: يبغونها لكم. وفي الفتنة قولان:
أحدهما: الكفر، قاله الضحاك، ومقاتل، وابن قتيبة.
والثاني: تفريق الجماعة، وشتات الكلمة. قال الحسن: لأوضعوا خلالكم بالنميمة لإفساد ذات بينكم.
قوله تعالى: (وفيكم سماعون لهم) فيه قولان:
أحدهما: عيون ينقلون إليهم أخباركم، قاله مجاهد، وابن زيد.
والثاني: من يسمع كلامهم ويطيعهم، قاله قتادة، وابن إسحاق.
لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الأمور حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون (48) قوله تعالى: (لقد ابتغوا الفتنة) في الفتنة قولان:
أحدهما: الشر، قاله ابن عباس.
والثاني: الشرك، قاله مقاتل.
قوله تعالى: (من قبل) أي: من قبل غزوة تبوك.
وفي قوله [تعالى]: (وقلبوا لك الأمور) خمسة أقوال:
أحدها: بغوا لك الغوائل، قاله ابن عباس. وقيل: إن اثني عشر رجلا من المنافقين وقفوا على طريقه ليلا ليفتكوا به، فسلمه الله منهم.
والثاني: احتالوا في تشتت أمرك وإبطال دينك، قاله أبو سليمان الدمشقي. قال ابن جرير:
وذلك كانصراف ابن أبي يوم أحد بأصحابه.
والثالث: أنه قولهم ما ليس في قلوبهم.
والرابع: أنه ميلهم إليك في الظاهر، وممالأة المشركين في الباطن.
والخامس: أنه حلفهم بالله (لو استطعنا لخرجنا معكم) ذكر هذه الأقوال الثلاثة الماوردي.
قوله تعالى: (حتى جاء الحق) يعني النصر (وظهر أمر الله) يعني الإسلام.
ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين (49) قوله تعالى: (ومنهم من يقول ائذن لي) سبب نزولها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للجد بن قيس:
" يا جد، هل لك في جلاد بني الأصفر، لعلك أن تغنم بعض بنات الأصفر "، فقال: يا رسول الله، ائذن لي فأقيم، ولا تفتني ببنات الأصفر. فأعرض عنه، وقال: " قد أذنت لك "، ونزلت هذه الآية،