قوله تعالى: (وهم ينهون عنه وينأون عنه) في سبب نزولها قولان:
أحدهما: أن أبا طالب كان ينهى المشركين أن يؤذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتباعد عما جاء به، فنزلت فيه هذه الآية، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس، وهو قول عمرو بن دينار، وعطاء بن دينار، والقاسم بن مخيمرة. وقال مقاتل: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أبي طالب يدعوه إلى الإسلام، فاجتمعت قريش إلى أبي طالب يريدون بالنبي صلى الله عليه وسلم سوءا، فسألوا أبا طالب أن يدفعه إليهم، فيقتلوه، فقال: ما لي عنه صبر، فقالوا: ندفع إليك من شبابنا من شئت مكان ابن أخيك، فقال أبو طالب: حين تروح الإبل، فإن حنت ناقة إلى غير فصيلها دفعته إليكم، وقال:
والله لن يصلوا إليك بجمعهم * حتى هو أوسد في التراب دفينا فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة * وأبشر وقر بذاك منك عيونا وعرضت دينا لا محالة أنه * من خير أديان البرية دينا لولا الملامة أو حذاري سبة * لوجدتني سمحا بذاك مبينا فنزلت فيه هذه الآية:
والثاني: أن كفار مكة كانوا ينهون الناس عن اتباع النبي [صلى الله عليه وسلم]، ويتباعدون بأنفسهم عنه، رواه الوالبي عن ابن عباس، وبه قال ابن الحنفية، والضحاك، والسدي. فعلى القول الأول، يكون قوله [تعالى]: " وهم " كناية عن واحد، وعلى الثاني: عن جماعة. وفي هاء " عنه " قولان:
أحدهما: أنها ترجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم. ثم فيه قولان:
أحدهما: ينهون عن أذاه، والثاني: عن اتباعه.
والقول الثاني: أنها ترجع إلى القرآن، قاله مجاهد، وقتادة، وابن زيد. (وينأون) بمعنى يبعدون. وفي هاء " عنه " قولان:
أحدهما: أنها راجعة إلى النبي [صلى الله عليه وسلم].
والثاني: إلى القرآن.
قوله تعالى: (وإن يهلكون) أي: وما يهلكون (إلا أنفسهم) بالتباعد عنه (وما يشعرون) أنهم يهلكونها.
وهو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين (27)