حسن وتحقيق المقام انه وقع التعارض بين الاخبار ويمكن الجمع بوجهين أحدهما حمل اخبار المنع على الأفضلية ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم قال سئلت أبا عبد الله عن جلود الثعالب فقال ما أحب ان يصلي فيها ويمكن حمل اخبار الجواز على التقية ابقاء للأكثر الأشهر على ظاهره والمسألة محل تردد وإن كان للمنع رجحان كذلك اختلفت الاخبار في السمور فبعضها يدل على المنع وهو المشهور بين الأصحاب كصحيحة أبي علي بن راشد ورواية بشير بن بشار ورواية مقاتل السابقات عند تحقيق السنجاب وما رواه الشيخ في الصحيح عن سعد بن سعد الأشعري عن الرضا عليه السلام قال سئلته عن جلود السمور فقال اي شئ هو (ذاك) قال الا ولبس فقلت هو الأسود فقال هو يصيد فقلت نعم يأخذ الدجاج والحمام قال لا وبعضها يدل على الجواز والقول به منقول عن الصدوق في المقنع كصحيحة الحلبي وصحيحة علي بن يقطين ورواية الريان لكن روايتي الريان وابن يقطين غير دالتين على جواز اللبس في الصلاة ويمكن الجمع بين الاخبار أحدهما حمل اخبار المنع على الأفضلية والثاني حمل اخبار الترخيص على التقية وهذا أقرب فإنك قد عرفت ان دلالة جواز اللبس في الصلاة منحصرة في رواية الحلبي وهي مشتملة على ما لا يعمل به الأصحاب كما أشرنا إليه فحينئذ يتعين حملها على التقية عملا بالاخبار الكثيرة المعمولة بين الأصحاب * (مسألة) * قال الشيخ في النهاية لا يجوز الصلاة في الثوب الذي تحت وبر الثعالب والأرانب ولا الذي فوقه ونحوه قال في المبسوط وقال ابن بابويه إياك ان تصلي في الثعلب ولا في الثوب الذي يليه من تحته وفوقه وذهب ابن إدريس وجمهور المتأخرين إلى الجواز استناد إلى الأصل واطلاق الامر بالصلاة احتج الشيخ بان تحصيل اليقين بالبرائة يتوقف عليه وبرواية علي بن مهزيار السابقة وأجاب عنه في المختصر بأنه قد حصل اليقين بالبرائة حيث أوقع الفعل على الوجه المأمور به وبان الرواية ضعيفة بجهالة الراوي ولا يخفى ان الرواية صحيحة عند المشهور الصادق كما أشرنا إليه مع أن صحيحة أبي علي بن راشد السابقة أيضا موافق لقول الشيخ لكن الاستدلال على التحريم بمجرد النهي الواقع في اخبارنا من غير انضمام قرينة لا يخلو عن اشكال وكذا يحرم الصلاة فيما يستر ظهر القدم ولا ساق له بحيث يغطي المفصل الذي بين الساق والقدم وشيئا من الساق وان قل كالشمشك بضم الشين وكسر الميم والنعل وشبهها واليه ذهب المفيد في المقنعة والشيخ في النهاية وهو المنقول عن ابن البراج وكلام سلار مشعر بالمنع الا في الصلاة على الموتى واليه ذهب الفاضلان وذهب الشيخ في المبسوط وابن حمزة إلى الكراهة واليه ذهب أكثر المتأخرين وهو أقرب للأصل واطلاق الامر بالصلاة فلا يفيد الا بدليل استدل المحقق على القول الأول بفعل النبي وعمل الصحابة والتابعين فإنهم لم يصلوا في هذا النوع وهو استدلال ضعيف لأنه شهادة على نفي غير محصور فلا تسع إذ من المستبعد إحاطة العلم بأنهم كانوا لا يصلون فيما هو كذلك دائما مع أنه على تقدير التسليم غير دال على التحريم لجواز ان يكون ذلك مبنيا على عادة بلادهم أو يكون محمولا على الاستحباب ولو نسلم هذا الاستدلال لزم تحريم الصلاة في كل ما لم يصل فيه النبي صلى الله عليه وآله وهو معلوم البطلان وحيث كان الحكم مخصوصا بما لا ساق له مع كونه ساتر الظهر القدم فلا تحريم ولا كراهة فيما ليس كذلك كالنعل العربي لانتفاء الوصف الموجب لشئ منهما بل يستحب الصلاة في النعل العربي عند علمائنا والمستند فيه ورود الامر بالصلاة فيه في عدة اخبار منها ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا صليت فصل في نعليك إذا كانت طاهرة فإنه يقال ذلك من السنة ورواه ابن بابويه باسناد اخر في الصحيح عن عبد الرحمن بأدنى تفاوت في المتن ومنها ما رواه في الصحيح عن عبد الله بن المغيرة قال إذا صليت فصل في نعليك إذا كانت طاهرة فان ذلك من السنة وروى الشيخ في الصحيح عن الحسين بن سعيد عن محمد بن إسماعيل قال رايته يصلي في نعليه (لم يحلفها واحسبه قال ركعتي الطواف وفي الصحيح عن معاوية بن عمار قال رأيت أبا عبد الله يصلي في نعليه) غير مرة ولم أر نزعها قط وفي الصحيح عن علي بن مهزيار قال رأيت أبا جعفر عليه السلام صلى حين زالت الشمس يوم التروية ست ركعات خلف المقام وعليه نعلاه ولم ينزعهما ومقتضى الروايات استحباب الصلاة في النعل مطلقا ولعل حمله على العربية كونها هي المتعارفة في ذلك الزمان والقول بالاطلاق غير بعيد (وكذا لا تحريم ولا كراهة) فيما انتفى فيه أحد الوصفين المذكورين قال في التذكرة انه موضع وفاق بين العلماء ولذا قال المصنف الا الخف والجورب وهو نعل مخصوص وهو معرب ومثلهما الجرموق قال في الذكرى وهو خف واسع قصير يلبس فوق الخف وقد مر من الاخبار في حكم الميتة ما يدل على جواز الصلاة في الخف ويزيده بيانا ما رواه الشيخ في الصحيح عن إسماعيل بن الفضل قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن لباس الجلود والخفاف والنعال و الصلاة فيها إذا لم تكن عن (من) ارض المصلين (المسلمين) فقال إما النعال والخفاف فلا باس بها وما رواه الشيخ والكليني عن الحسن بن الجهم قال قلت لأبي الحسن عليه السلام اعترض السوق فاشترى خفا لا أدرى أذكى هو أم لا قال صل فيه (قلت) والنعل قال مثل ذلك قلت اني أضيق من هذا قال أترغب عما كان أبو الحسن عليه السلام يفعله وعن إبراهيم بن مهزيار قال سألته عن الصلاة في جرموق وأتيته بجرموق بعثت به إليه فقال يصلي فيه وعورة الرجل التي يجب سترها في حال الصلاة (ويشترط صحة الصلاة) وغيرها ويشترط صحة الصلاة بسترها قبله ودبره ومنها البيضتان دون الأليين والفخذ وهذا القول هو المشهور بين الأصحاب حتى نقل ابن إدريس اجماع فقهاء أهل البيت عليهم السلام ونقل عن ابن البراج أنه قال هي من السرة إلى الركبة وعن أبي الصلاح انه جعلهما من السرة إلى نصف الساق مع أن المحقق في المعتبر قال ليست الركبة من العورة باجماع علمائنا والأقرب الأول وقد مر الاستدلال عليه في أوائل مباحث الاستنجاء ولم تقف لأبي الصلاح وابن البراج على حجة يعتد بها ويجب على الرجل سترهما مع القدرة عليه ولو بالورق والطين وظاهر العبارة ان ذلك على وجه التخيير فيجوز الاستتار بالورق مع امكان الثوب كما يجوز بالطين مع امكانهما وفي المسألة أقوال أخر منها انه يستر بالثوب فان تعذر فبالورق أو الحشيش أو الطين مخيرا بينها اختاره المصنف في القواعد وهو قول الأكثر إما صريحا أو ظاهرا كالشيخ وابن إدريس والمحقق والمصنف في أكثر كتبه والشهيد في البيان ومنها انه يستر بالثوب أو الحشيش أو الورق مخيرا بينها فان تعذر فبالطين ذهب إليه الشهيد (في الذكرى ومنها انه يستر بالثوب فان تعذر فبالأوراق فان تعذر فبالطين ذهب إليه الشهيد) في الدروس واستدل على القول الأول بحصول المقصود من الستر ورواية علي بن جعفر وقد سبقت عند شرح قول المصنف يجب ستر العورة في الصلاة وبقول الباقر عليه السلام النورة سترة وفيه نظر المنع حصول المقصود بالستر والرواية غير دالة على التخيير واما ما دل على أن النورة سترة فروايتان نقلناهما في مبحث الخلوة لكنهما غير نقي السند فالتعويل عليهما مشكل وان تمسك القائل بهذا القول بالأصل وعدم الدليل على الزائد لكان أولي واستدل على القول الثاني إما على تقديم الثوب فبعدم فهم غيره من الساتر عند الاطلاق وبرواية علي بن جعفر وقد يستدل عليه أيضا بقول الباقر عليه السلام إذ في (أدنى) ما يصلى فيه المراة درع وملحفة ومقتضاه وجوب الثياب للمراة فيثبت الحكم في الرجل أيضا للاجماع على عدم الفرق وعلى التخيير بين الباقي عند تعذر الثوب بحصول مقصود السترية ويرد على الأول ان القدر الذي ثبت بالاجماع أو الاخبار وجوب الستر بحيث لا ينظر إليه واما دليل (دلالتها) على الستر بالثياب فغير واضح والحكم بالتستر بالحشيش في الرواية تابع للسؤال وهو تعذر الثوب وذلك لا يقتضى عدم جواز الستر به عند امكان الثوب وقول الباقر عليه السلام منزل على الغالب المتعارف فالاستدلال به مشكل وعلى الثاني المنع المذكور احتج الشهيد على ما ذهب إليه من التخيير بين الثياب وغيرها برواية علي ابن جعفر وعلى تقديمها على الطين بعدم فهمه من الساتر عند الاطلاق وقد يستدل عليه أيضا بقوله تعالى خذوا زينتكم عند كل مسجد فان ذلك لا تعد زينة وفيه نظر لان الرواية مختصة بصورة تعذر الثياب فلا دلالة فيها على التخيير بين الثياب وغيرها وما استدل به على تقديمها على الطين لو تم اقتضى تقديم الثياب على الورق والحشيش على أن الاستدلال بالآية مشكل لما أشرنا إليه سابقا من الاختلاف في تفسيرها في الاخبار وأقوال المفسرين مع أن الزينة غير مرادة بظاهرها للاجماع على الاجتزاء بالخرق وشبهها مما لا تعد زينة ولو تم ما نقل بعضهم من اجماع المفسرين على أن المراد بالزينة ما يواري العورة لاشتراك الكل في ذلك وان
(٢٣٥)